صفحة جزء
[ ص: 383 ] ( باب الحيض ) والاستحاضة والنفاس ولما كانا كالتابعين له لأصالته أما الاستحاضة فواضح . وأما النفاس فلأن أكثر أحكامه بطريق القياس عليه ولغلبه أحكامه أفردوه بالترجمة ، وهو لغة السيلان وشرعا دم جبلة يخرج في وقت مخصوص ، والنفاس الدم الخارج بعد فراغ الرحم والاستحاضة ما عداهما على الأصح

والقول بأن بني إسرائيل أول من وقع الحيض فيهم [ ص: 384 ] يبطله حديث الصحيحين { هذا شيء كتبه الله على بنات آدم } ( أقل سنه ) الذي يمكن أن يحكم على ما تراه المرأة فيه بكونه حيضا ( تسع سنين ) قمرية أي استكمالها إلا إن رأته قبل تمامها بدون ستة عشر يوما بلياليها فزعم إيهام هذا أن التسع كلها ظرف للحيض ولا قائل به ليس في محله ؛ لأنه إنما يوهم ذلك لو كانت التسع ظرفا وهي هنا خبر كما هو جلي وشتان ما بينهما ولا حد لآخر سنه ولا ينافيه تحديد سن اليأس باثنين وستين سنة لأنه باعتبار الغالب حتى لا يعتبر النقص عنه كما يأتي ، ثم وإمكان إنزالها كإمكان حيضها بخلاف إمكان إنزال الصبي لا بد فيه من تمام التاسعة ، والفرق حرارة طبع النساء كذا قيل والأوجه أنه لا فرق ثم رأيته صرح بذلك في المجموع حيث جعل الأصح فيهما استكمال التسع أي التقريبي المعتبر بما مر وزاد في الصبي وجها تسع ونصف ووجها عشر سنين ، وأشار إلى أن الإمام فرق بأنها أسرع بلوغا منه أي ؛ لأنها أحر طبعا منه .


حاشية ابن قاسم

( باب الحيض )

قال في شرح العباب قال الجاحظ ويحيض أيضا الأرنب والضبع والخفاش وزاد غيره والحجرة وهي أنثى الخيل والناقة والوزغة والكلبة ا هـ ما في شرح العباب والظاهر أن ذلك لا أثر له في الأحكام حتى لو علق بحيض شيء من المذكورات لم يقع وإن خرج منها دم مقدار أقل الحيض مثلا أما أولا كون هذه المذكورات يقع لها الحيض ليس أمرا قطعيا وذكر الجاحظ أو غيره له لا يقتضي ثبوته في الواقع ولا القطع به . وأما ثانيا فيجوز أن يكون حيض المذكورات في سن وعلى وجه مخصوص لا يتحقق بعد التعليق نعم إن أراد بحيضها مجرد خروج الدم منها اعتبر . ( قوله فلأن أكثر أحكامه ) أي ولقولهم إنه دم حيض مجتمع . ( قوله [ ص: 384 ] يبطله حديث الصحيحين إلخ ) أي لعمومه هذا ولكن في إبطاله له نظر ظاهر ( قوله على ما تراه المرأة فيه ) هذا يدل على أن التسع مع الخبرية أيضا محل الرؤية فالإيهام الآتي حاصل مع الخبرية أيضا لا يقال المراد استكمالها فمحل الرؤية ما بعدها ؛ لأنا نقول هذا ليس صريح العبارة وإرادته لا تمنع احتمالها ، ولو مرجوحا فلا ينافي الإيهام نعم قد يدفع الاحتمال مطلقا النظر في المعنى ، إذ مع كون التسع كلها ظرفا للحيض لا معنى لجعلها أقل منه كما يدرك بالتأمل . ( قوله والأوجه أنه لا فرق ) أي في اعتبار استكماله التسع التقريبي أخذا مما يأتي ، وقد [ ص: 385 ] اعتمد ذلك م ر .

حاشية الشرواني

( باب الحيض )

والحكمة في ذكر هذا الباب في آخر أبواب الطهارة أنه ليس من أنواع الطهارة بل الطهارة تترتب عليه ، وهو مخصوص بالنساء ع ش عبارة البجيرمي وإنما أخره عن الغسل مع أنه من أسبابه فكان المناسب ذكره قبله عند ذكر موجباته لطول الكلام عليه ولتعلقه بالنساء فكان مؤخر الرتبة ا هـ أي وما قبله مشترك بين الرجال والنساء . ( قوله فلأن أكثر أحكامه إلخ ) أي ولقولهم أنه دم حيض مجتمع سم . ( قوله وغلبة أحكامه ) أي من حيث الوقوع وإلا فأحكام الاستحاضة أكثر كما لا يخفى رشيدي و ع ش ( قوله أفرده بالترجمة ) أي فقد ترجم لشيء وزاد عليه ، وهذا لا يعد عيبا بجيرمي . ( قوله وهو لغة السيلان ) يقال حاض الوادي إذا سال ماؤه وحاضت الشجرة إذا سال صمغها ويقال إن الحوض منه لحيض الماء أي سيلانه والعرب تدخل الواو على الياء وبالعكس نهاية أي تأتي بأحدهما بدل الآخر . ( قوله دم جبلة ) أي دم يقتضيه الطبع السليم خطيب .

( قوله يخرج ) أي من عرق في أقصى رحم المرأة على سبيل الصحة ولو حاملا لأن الأصح أن الحامل تحيض وشملت الجنية فحكمها حكم الآدمية في ذلك على الصحيح . وأما غيرها من الحيوانات فلا حيض لها شرعا وما يرى لها من الدم فهو من الحيض اللغوي ولا يتعلق به الحكم إلا في التعليق في نحو الطلاق والعتق كأن قال إن سال دم فرسي فزوجتي طالق أو فعبدي حر والذي يحيض من الحيوانات أربع نظمها بعضهم في قوله

أرانب يحضن والنساء ضبع وخفاش لها دواء

وزيد عليها أربعة أخرى فصارت ثمانية وقد نظمها بعضهم في قوله

يحيض من ذي الروح ضبع مرأة     وأرنب وناقة وكلبة
خفاش الوزغة والحجر فقد     جاءت ثمانيا ، وهذا المعتمد

شيخنا .

( قوله بعد فراغ الرحم ) أي من الحمل ولو علقة أو مضغة أي وقبل مضي خمسة عشر يوما فإن كان بعد ذلك لم يكن نفاسا كما يأتي ع ش وشيخنا . ( قوله ما عداهما إلخ ) دخل فيه دم الطلق والخارج مع الولد فليسا بحيض لأن ذلك من آثار الولادة ولا نفاس لتقدمه على خروج الولد إلا أن يتصلا بحيضها المتقدم فيكونان حيضا نهاية ومغني وكذا دخل فيه الدم الذي تراه الصغيرة والآيسة عبارة شرح المنهج والاستحاضة دم علة يخرج من [ ص: 384 ] عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل بالمعجمة على المشهور سواء أخرج أثر حيض أم لا ا هـ زاد المغني واختلف في الدم الذي تراه الصغيرة والآيسة والأصح أنه يقال له استحاضة ودم فساد وقيل لا تطلق الاستحاضة إلا على دم واقع بعد حيض ا هـ .

( قوله يبطله حديث الصحيحين إلخ ) أي لعمومه هذا ولكن في إبطاله له نظر سم عبارة البجيرمي قيل أول من حاض أمنا حواء لما كسرت شجرة الحنطة وأدمتها قال الله تعالى { وعزتي وجلالي لأدمينك كما أدميت هذه الشجرة } م ر أي وخطيب قيل وكان يوم الثلاثاء ولما أدمت الشجرة عاقب الله بناتها بالحيض والولادة والنفاس قال الله تعالى { يا داود أنا الرب المعبود أعامل الذرية بما فعل الجدود } ا هـ وعبارة ع ش وجمع بينهما بأن الإضافة للجنس أي جنس بنات آدم أو بحمل قصة بني إسرائيل على أن المعنى بأنهم أول من فشا فيهم وحمل ما في قصة حواء على الأول الحقيقي لا يقال يرد على ما ذكره في الحديث ما ذكروه من الحيوانات التي تحيض لأنا نقول ليس في الحديث حصر فالحكم بأنه كتبه وقدره على بنات آدم لا ينافي أنه كتبه على غيرهن أيضا ا هـ

قول المتن ( أقل سنه إلخ ) أي ولو بالبلاد الباردة ولو رأت الدم أياما بعضها قبل زمن إمكانه وبعضها فيه جعل المرئي في زمن الإمكان حيضا إن توفرت شروطه الآتية نهاية ومغني قول المتن ( تسع سنين ) أي وغالبه عشرون سنة وأكثره اثنان وستون سنة ع ش . ( قوله قمرية ) إلى قوله فزعم في المغني إلا قوله أي استكمالها وإلى قوله ثم رأيته في النهاية إلا قوله ذلك . ( قوله قمرية ) نسبة إلى القمر أي الهلال والسنة القمرية ثلاثمائة يوم وأربعة وخمسون يوما وخمس يوم وسدسه لأن كل ثلاثين سنة تزيد أحد عشر يوما بسبب الكسور فإذا قسطت على الثلاثين خص كل سنة خمس يوم وسدسه لأن ستة منها في خمسة بثلاثين خمسا ، والخمسة الباقية في ستة بثلاثين سدسا فيخص كل سنة من الثلاثين خمس يوم وسدسه . وأما السنة الشمسية فهي ثلاثمائة يوم وخمسة وستون يوما وربع يوم إلا جزءا من ثلاثمائة جزء من يوم والسنة العددية ثلاثمائة يوم وستون يوما لا تزيد ولا تنقص شيخنا و ع ش

( قوله أي استكمالها ) أقول الإيهام بالنسبة لأصل العبارة . وأما بهذا التقدير فيندفع الإيهام مع الظرفية أيضا ، نعم قد يدفع الاحتمال مطلقا النظر في المعنى إذ مع كون التسع كلها ظرفا للحيض لا معنى لجعلها أقل سنة كما يدرك بالتأمل سم . ( قوله فزعم إلخ ) تفريع على قوله أي استكمالها والمشار إليه بقوله هذا قول المتن تسع سنين كردي . ( قوله ولا حد لآخر سنه ) بل هو ممكن ما دامت المرأة حية نهاية . ( قوله ولا ينافيه ) أي قوله ولا حد لآخر سنه ع ش . ( قوله لأنه ) أي ذلك التحديد .

( قوله والأقرب أنه لا فرق ) أي في اعتبار استكمال التسع التقريبي أخذا مما يأتي ، وقد اعتمد ذلك م ر ا هـ سم على حج وعليه فالمعنى أن خروجه من الرجل قبل استكمال التسع بما لا يسع حيضا وطهرا للمرأة يقتضي الحكم ببلوغه لكن ما نقله عن م ر يخالفه ما ذكره م ر هنا أي في الشرح من الاستدراك بقوله م ر نعم سيأتي في باب الحجر أن التسع في المني تحديد لا تقريب ا هـ أي مني الرجل والمرأة ويظهر من كلامه م ر حيث جزم به اعتماد أنه تحديد فيقدم على ما نقله سم عنه م ر من أنه تقريبي ع ش . ( قوله أي التقريبي إلخ ) اعتبار التقريب فيها بما مر له وجه في الجملة . وأما فيه فمحل تأمل بصري . ( قوله أي لأنها أحر طبعا إلخ ) هذا خلاف ما أطبق عليه الأطباء أنها أبرد طبعا من الرجل وحينئذ فلعل الأولى أن يوجه كلام الإمام بأنها أبلغ شهوة وأتم فلذا يسرع توليد طبيعتها للمني على الوجهين المذكورين بصري .

التالي السابق


الخدمات العلمية