صفحة جزء
( فصل ) في الغنيمة وما يتبعها ( الغنيمة مال ) ذكر للغالب فالاختصاص كذلك ولا ينافيه ما يأتي فيما يفعل فيه في الجهاد ؛ لأنه مع كونه غنيمة اختص بحكم مغاير للمال في أخذه وقسمته لتعذر إتيان أحكام المال فيه فزعم شارح أن نحو الكلاب وجلد الميتة غير غنيمة ليس إطلاقه في محله ( حصل من ) مالكين له ( كفار ) أصليين حربيين ( بقتال وإيجاف ) لنحو خيل ، أو إبل منا لا من ذميين فإنه لهم ولا يخمس والواو بمعنى ، أو فلا يرد المأخوذ بقتاله الرجالة وفي السفن فإنه غنيمة ولا إيجاف فيه أما ما أخذوه من مسلم قهرا فيجب رده لمالكه كفداء الأسير يرد إليه كذا أطلقوه ويظهر أن محله إن كان من ماله وإلا رد لمالكه ويحتمل أنه لا فرق ؛ لأن إعطاءه عنه يتضمن تقدير دخوله في ملكه نظير ما يأتي فيمن أمهر عن زوج طلق قبل وطء هل يرجع الشطر للزوج أو المصدق ويرد بأنا إنما احتجنا للتقدير ثم لضرورة سقوط المهر عن ذمة الزوج ولا كذلك هنا ؛ لأنه لا شيء في ذمة الأسير فلا تقدير فتعين الرد هنا للمالك جزما . وأما ما حصل من مرتدين ففيء كما مر ومن ذميين يرد إليهم وكذا ممن لم تبلغه الدعوة أصلا أو بالنسبة لنبينا صلى الله عليه وسلم إن تمسك بدين حق وإلا فهو كحربي على ما قاله الأذرعي ويرده ما يأتي في الديات من وجوب دية مجوسي في قتله ، وهو صريح في عصمته فالوجه أنه كالذمي ولا يرد على التعريف خلافا لمن زعمه ما هربوا عنه عند الالتقاء وقبل شهر السلاح وما صالحونا به ، أو أهدوه لنا عند القتال فإن القتال لما قرب وصار كالمتحقق الموجود صار كأنه موجود هنا بطريق القوة المنزلة منزلة الفعل بخلاف ما تركوه بسبب حصول نحو خيلنا في دارهم فإنه فيء ؛ لأنه لما لم يقع تلاق لم تقو شائبة القتال فيه ويجاب عن كون البلاد المفتوحة صلحا غير غنيمة [ ص: 142 ] بأن خروجهم عن المال لنا بالكلية صيره في حوزتنا لا شائبة لهم فيه بوجه بخلاف البلاد فإن يدهم باقية عليها ولو بغير الوجه الذي كان قبل الصلح فلم يتحقق معنى الغنيمة فيها ومر في تعريف الفيء عما له تعلق بذلك ( فيقدم منه ) أي من أصل المال ( السلب ) بفتح اللام ( للقاتل ) المسلم ولو نحو صبي وقن ، وإن لم يشترط له ، وإن كان المقتول نحو قريبه ، وإن لم يقاتل كما اقتضاه إطلاقهم ، أو نحو امرأة ، أو صبي إن قاتلا ولو أعرض عنه للخبر المتفق عليه { من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه } نعم القاتل المسلم القن لذمي لا يستحقه ، وإن خرج بإذن الإمام وكذا نحو مخذل وعين ( تنبيه )

قوله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا مشكل إذ القتيل كيف يقتل فهو من مجاز الأول ، وهو ظاهر قيل ويصح كونه حقيقة باعتبار أنه قتيل بهذا القتل لا بقتل سابق ونظيره جواب المتكلمين عن المغالطة المشهورة أن إيجاد المعدوم محال ؛ لأن الإيجاد إن كان حال العدم فهو جمع بين النقيضين ، أو حال الوجود فهو تحصيل الحاصل بأنا نختار الثاني والإيجاد للموجود إنما هو بوجود مقارن لا متقدم فليس فيه تحصيل للحاصل ( وهو ثياب القتيل ) التي عليه ( والخف والران ) ، وهو خف طويل لا قدم له يلبس للساق ( وآلات الحرب كدرع ) ، وهو المسمى بالزردية واللامة ( وسلاح ) قضيته أن الدرع غير سلاح ، وهو كذلك وقد يطلق عليه وقيد الإمام السلاح بما لم يزد على العادة ، وهو محتمل ( ومركوب ) ولو بالقوة كأن قاتل راجلا وعنانه بيده مثلا وظاهر كلامهم هنا أنه لا يكفي إمساك غلامه له حينئذ ، وإن نزل لحاجة وعليه يفرق بينه وبين ما قاله في الجنيبة بأنها تابعة لمركوبه فاكتفي بإقادة غيره ولا كذلك هذا ( وسرج ولجام ) ومقود ومهماز ولثبوت يده على ذلك لأجل القتال حسا ( وكذا سوار ومنطقة ) وهميان بما فيه وطوق ( وخاتم ونفقة معه وجنيبة ) فرس ، أو غيره ولو من غير جنس مركوبه كراكب فرس معه نحو ناقة ، أو بغل جنيب فيما يظهر لا أكثر من واحدة [ ص: 143 ] ولا ولد مركوبة والخيرة في واحد من الجنائب للمستحق ( تقاد ) ، وإن لم يقدها هو على المعتمد ( معه ) أمامه أو خلفه ، أو بجنبه فقولهما في المحرر والروضة وأصلها بين يديه مثال ويلحق بها على الأوجه سلاح مع غلامه يحمله له ويفرق بينه وبين ما مر في المركوب الذي مع غلامه بأن ذاك يستغنى عنه كثيرا بخلاف سلاحه ، وإن تعدد فكأنه لم يفارقه ( في الأظهر ) لاتصال هذه الأشياء به مع احتياجه للجنيبة ( لا حقيبة مشدودة على الفرس ) وما فيها من نقد ومتاع ( على المذهب ) لانفصالها وعن فرسه مع عدم الاحتياج إليها ، وإن أطال جمع في الانتصار لدخولها نعم لو جعلها وقاية لظهره اتجه دخولها


حاشية ابن قاسم

( فصل في الغنيمة ، وما يتبعها ) ( قوله : ويرده ما يأتي في الديات من وجوب دية مجوسي ) مفروض فيمن لم تبلغه دعوة نبينا ، ويأتي هناك أيضا تردد فيمن شك هل بلغته دعوة نبي ؟ هل يضمن ؟ أو لا فعلى عدم الضمان يتجه أنه كحربي ، لكن بينا هناك مخالفة ما قرره هناك لما قرره هنا فراجعه . ( قوله : فإن القتال لما قرب ، وصار إلخ ) حاصل هذا التوجيه ارتكاب تجوز في التعريف ، وقد اشتهر احتياجه لقرينة واضحة أو شهرة إلا أن يقال : الفقهاء ونحوهم يتسامحون بمثل ذلك . ( قوله : ويجاب عن كونه إلخ ) أي : الذي يستشكل على هذا ( قوله : [ ص: 142 ] عن المال ) أي : المصالح به فيما تقدم ( قوله : لذمي ) متعلق بالقن . ( قوله : في المتن ، وسلاح ) وعبارة المنهج آلة حرب قال في العباب : يحتاجها انتهى ، وهو شامل للمتعدد من نوع كسيفين ، أو رمحين ، أو أنواع كسيف ، ورمح ، وترس ، وقضيته إخراج ما لا يحتاج إليه ، وينبغي الاكتفاء في الحاجة بالتوقع فكل ما توقع الاحتياج إليه كان من السلب . ( قوله : وعليه يفرق إلخ ) لكن الأوجه أنه كالأجنبية شرح م ر [ ص: 143 ]

( قوله : ويلحق بها إلخ ) ، وفي السلاح الذي عليها تردد للإمام ، والظاهر أنه من السلب ؛ لأنه إنما يحمله عليها ليقاتل به عند الحاجة شرح م ر . ( قوله : لانفصالها عنه ، وعن فرسه ) إذ ليست ملبوسا لواحد منهما مثلا

حاشية الشرواني

( فصل في الغنيمة وما يتبعها ) . ( قوله : في الغنيمة ) إلى قول كفداء الأسير في المغني إلا قوله : ولا ينافيه إلى المتن وإلى قول المتن فيقدم في النهاية إلا قوله المذكور ، وقوله : ويرد إلى وأما ما حصل ، وقوله : ويرده إلى ولا يرد ( قوله : وما يتبعها ) أي : كالنفل الذي يشرطه الإمام مما في بيت المال . ( قول المتن مال حصل ) أي : لنا بخلاف الحاصل للذميين كما يأتي . ( قوله : ولا ينافيه ) أي : كون الاختصاص غنيمة ، ( قوله : في الجهاد ) متعلق بقوله : يأتي المقيد بالجار الأول . ( قوله : في أخذه إلخ ) أي : الاختصاص . ( قوله : أن نحو الكلاب إلخ ) أي : كخمر محترمة ( قوله : مالكين له ) وقوله أصليين ، وقوله حربيين سيذكر محترزاتها على الترتيب ( قوله : فإنه ) أي : الحاصل لهم من أهل الحرب . ( قوله : ولا إيجاف فيه ) الواو للحال . ( قوله : مثلا ) أي : أو من ذمي ، أو نحوه . ا هـ مغني ( قوله : يرد ) أي : حيث كان باقيا فإن تلف فلا ضمان لعدم التزام الحربي . ا هـ ع ش . ( قوله : إليه ) أي : الأسير وكذا ضمير من ماله .

( قوله : وإلا رد لمالكه ) معتمد ومعلوم أن الكلام في المالك المتبرع عن الأسير أما لو قال الأسير لغيره فأدنى فعل فهو قرض فيرد له جزما . ا هـ ع ش . ( قوله : نظير ما يأتي إلخ ) حاصله أنه إن كان الدافع الزوج ، أو وليه رجع للزوج ، أو أجنبيا رجع للدافع . ا هـ ع ش . ( قوله : طلق ) عبارة المغني : ثم طلق . ا هـ . ( قوله : من مرتدين إلخ ) أي : من تركتهم . ( قوله : وكذا ممن لم تبلغه الدعوة ) إلى قوله على ما قاله الأذرعي في المغني . ( قوله : إن تمسك إلخ ) الظاهر رجوعه للمعطوف فقط ، لكن عبارة المغني كالصريح في رجوعه للمعطوف عليه أيضا فتأمل . ( قوله : إلا ) عبارة المغني : أما لو كان متمسكا بدين باطل إلخ . ( قوله : ويرده ما يأتي إلخ ) الذي يأتي في الديات أن فيه دية مجوسي مفروض فيمن لم تبلغه دعوة نبينا . ا هـ سم . ( قوله : على التعريف ) أي : على عكسه . ( قوله : فإن القتال إلخ ) حاصله ارتكاب تجوز في التعريف وقد اشتهر احتياجه لقرينة واضحة ، أو شهرة إلا أن يقال : الفقهاء ونحوهم يتسامحون بمثل ذلك . ا هـ سم . ( قوله : بخلاف ما تركوه إلخ ) عبارة المغني ويرد على طرد هذا الحد المتروك بسبب حصولنا في دارهم ، وضرب معسكرنا فيهم فإنه ليس غنيمة في أصح الوجهين عند الإمام مع وجود الإيجاف ، وعلى عكسه ما أخذ على وجه السرقة ، أو نحوها فإنه غنيمة . ا هـ . ( قوله : ويجاب عن كون إلخ ) أي : الذي يستشكل على هذا . ا هـ سم عبارة الرشيدي غرضه من ذلك الفرق بين هذا وبين ما تقدم من الصور المذكورة في قوله : ولا يرد على [ ص: 142 ] التعريف ما هربوا عنه إلخ . ا هـ . ( قوله : بأن خروجهم عن المال ) أي : المصالح به فيما تقدم . ا هـ سم عبارة الرشيدي أي : في المسائل التي جعلنا المال فيها غنيمة . ا هـ .

( قوله : ما له تعلق بذلك ) ومنه أن من الغنيمة السرقة من دار الحرب ولقطتها . ا هـ ع ش عبارة المغني : ومن الغنيمة ما أخذ من دراهم سرقة ، أو اختلاسا ، أو لقطة وأما المرهون الذي للحربي عند مسلم ، أو ذمي والمؤجر الذي له عند أحدهما إذا انفك الرهن ، وانقضت مدة الإجارة فهل هو فيء ، أو غنيمة ؟ وجهان أشبههما كما قال الزركشي الثاني . ا هـ . ( قوله : أي : من أصل المال ) إلى التنبيه في النهاية والمغني . ( قوله : المسلم ) فارسا كان أم لا . ا هـ مغني . ( قوله : ولو نحو صبي ) كالمجنون والأنثى . ا هـ مغني . ( قوله : وإن لم يقاتل ) أي : المقتول وقوله : أو نحو امرأة من النحو العبد . ا هـ ع ش . ( قوله : ولو أعرض ) أي : مستحق السلب مغني ونهاية . ( قوله : لذمي ) متعلق بالقن . ( قوله : نحو مخذل إلخ ) عبارة المغني : ويستثنى من إطلاقه الذمي والمخذل والمرجف والخائن ونحوهم ممن لا سهم له ولا رضخ . ا هـ ، وعبارة شرح الروض : أما المخذل ، وهو الذي يكثر الأراجيف ، ويكسر قلوب الناس ويثبطهم فلا شيء له لا سهما ولا رضخا ولا سلبا ولا نفلا ؛ لأن ضرره أكثر من ضرر المنهزم ، بل يمنع من الخروج للقتال والحضور فيه ، ويخرج من العسكر إن حضر إلا أن يحصل بإخراجه وهن فيترك . ا هـ . ( قوله : وعين ) أي : من الكفار علينا بأن بعثوه للتجسس على أحوالنا ، والصورة أنه مسلم ، وأما ما في حاشية الشيخ ع ش من أن المراد به من نرسله نحن عينا على الكفار ، ووجه عدم استحقاقه السلب أنه إنما قتل حين ذهابه لكشف أحوال الكفار . ا هـ ، فيقال عليه إن عدم استحقاقه حينئذ إنما هو لعدم شهوده الصف لا لخصوص كونه عينا فلا فائدة في التصوير به . ا هـ رشيدي أقول : ولعل ما في ع ش أقرب .

( قوله : التي عليه ) إلى قول المتن : على المذهب في المغني إلا قوله : فرس إلى الأكثر وإلى قوله : وإنما يستحق في النهاية إلا قوله : وقيد الإمام إلى المتن ، وقوله : وفرس إلى لا أكثر ، وقوله : ويلحق بها إلى المتن . ( قوله : التي عليه ) أي : ولو حكما أخذا من فرسه المتهيئ معه للقتال الآتي . ا هـ ع ش .

( قول المتن : والران ) براء فألف فنون ( قول المتن : وسلاح ) عبارة العباب : وآلة حرب يحتاجها . ا هـ ، وهي شاملة للمتعدد وغيره من نوع كسيفين ، أو أنواع ، وقضيتها إخراج ما لا يحتاج إليه ، وينبغي الاكتفاء في الحاجة بالتوقع فكلما توقع الاحتياج إليه كان من السلب سم و ع ش . ( قوله : قضيته ) أي : عطف السلاح على الدرع . ( قوله : بما لم يزد على العادة ) قضيته أنه لو كان معه آلات للحرب من أنواع متعددة كسيف وبندقة وخنجر ودبوس أن الجميع سلب بخلاف ما زاد على العادة كأن كان معه سيفان ، فإنما يعطى واحدا منهما ويمكن حمل ذلك أي : الزائد على العادة على ما لا يحتاج إليه فيوافق ما مر آنفا . ا هـ ع ش . ( قوله : وعليه يفرق إلخ ) لكن الأوجه أنه كالأجنبية نهاية وسم . ( قول المتن : ولجام إلخ ) وهو ما يجعل في فم الفرس والمقود الذي يجعل في الحلقة ، ويمسكه الراكب ، والمهماز هو الراكب لكن في ع ش عن المختار هو حديدة تكون في مؤخر خف الرائض . ا هـ ، والرائض من يروض الدابة أي : يعلمها ا هـ بجيرمي . ( قول المتن : سوار ) وهو ما يجعل في اليد كالنبلة بدليل عطف الطوق عليه . ا هـ بجيرمي . ( قول المتن : ومنطقة ) وهي ما يشد به الوسط . ( قول المتن : وهميان ) اسم لكيس الدراهم . ا هـ ع ش . ( قوله : وطوق ) وهو حلي للعنق . ا هـ قاموس . ( قول المتن : ونفقة معه ) بكيسها لا المخلفة في رحله - [ ص: 143 ] أي : منزلة . ا هـ شرح منهج ( قوله : ولا ولد مركوبه ) أي : وإن كان صغيرا ، ويستثنى ذلك من حرمة التفريق بين الوالدة وولدها وينبغي أن محل تسليم الأم للقاتل حيث كان بعد شرب اللبن ووجود ما يستغني به الولد عن أمه ، وإلا تركت أمه في الغنيمة ، أو يسلم هو مع أمه للقاتل حتى يستغني عن اللبن إن رأى الإمام ذلك . ا هـ ع ش . ( قوله : ويلحق بها إلخ ) وفي السلاح الذي عليها تردد للإمام والظاهر أنه من السلب نهاية وسم . ( قول المتن : لا حقيبة ) بفتح المهملة وكسر القاف وعاء يجمع فيه المتاع ، ويجعل على حقو البعير . ا هـ مغني .

( قوله : نعم لو جعلها ) أي : الحقيبة

التالي السابق


الخدمات العلمية