صفحة جزء
( وإن بدأ بصيغة تعليق كمتى ، أو متى ما ) زائدة للتأكيد ، أو أي وقت ، أو زمن ، أو حين ( أعطيتني ) كذا فأنت طالق ( فتعليق ) من جانبه فيه شوب معاوضة [ ص: 481 ] لكن لا نظر إليها هنا غالبا ؛ لأن لفظه المذكور من صرائحه فلم ينظر لما فيه من نوع معاوضة ( فلا ) طلاق إلا بعد تحقق الصفة ، ولا يبطل بطرو جنونه عقبه ، ولا ( رجوع له ) عنه قبل الإعطاء كسائر التعليقات ( ولا يشترط القبول لفظا ) ؛ لأن صيغته لا تقتضيه ( ولا الإعطاء في المجلس ) بل يكفي وإن تفرقا عنه لدلالته على استغراق كل الأزمنة منه صريحا فلم تقو قرينة المعاوضة على إيجاب الفور ، وإنما وجب في قولها متى طلقتني فلك ألف وقوعه فورا ؛ لأن الغالب على جانبها المعاوضة بخلافه وأفهم مثاله أن متى أي ونحوها إنما يكون للتراخي إثباتا أما نفيا كمتى لم تعطني ألفا فأنت طالق فالفور فتطلق بمضي زمن يمكن فيه الإعطاء فلم تعطه ( وإن قال إن ) بالكسر ( أو إذا ) ومثلهما كل ما لم يدل على الزمن الآتي ( أعطيتني فكذلك ) أي لا رجوع له ولا يشترط القبول لفظا ؛ لأنهما حرفا تعليق كمتى أما المفتوحة وإذ فالطلاق مع أحدهما يقع بائنا حالا ، وينبغي تقييده بالنحوي أخذا مما يأتي في الطلاق ثم رأيت شارحا ذكره .

وظاهر كلامهم أنه مع بينونتها لا مال له عليها ، ويوجه بأن مقتضى لفظه أنها بذلت له ألفا على الطلاق ، وأنه قبضه لكن القياس أن له تحليفها أنها أعطته نظير ما مر في رسم القبالة ( لكن يشترط ) إن كانت حرة وألحق بها المبعضة والمكاتبة سواء الحاضرة والغائبة عقب علمها ( إعطاء على الفور ) والمراد به في هذا الباب مجلس التواجب السابق بأن لا يتخلل كلام ، أو سكوت طويل عرفا وقيل : ما لم يتفرقا كما مر في خيار المجلس ؛ لأن ذكر العوض قرينة تقتضي التعجيل ؛ إذ الأعواض تتعجل في المعاوضات وتركت هذه القضية في نحو متى لصراحتها في التأخير كما مر بخلاف إن ؛ إذ لا دلالة [ ص: 482 ] لها على زمن أصلا ، وإذا ؛ لأن متى مسماها زمن عام ومسمى إذا زمن مطلق ؛ لأنها ليست من أدوات العموم اتفاقا ؛ فلهذا الاشتراك في أصل الزمن وعدمه في إن اتضح أنه لو قيل : متى ألقاك صح أن يقال متى ، أو إذا شئت دون إن شئت ؛ لأنها لعدم دلالتها على زمن لا تصلح جوابا للاستفهام الذي في متى عن الزمان ، ومحل التسوية بين إن وإذا في الإثبات أما النفي فإذا للفور بخلاف إن كما يأتي أما الأمة فمتى أعطت طلقت ، وإن طال لتعذر إعطائها حالا ؛ إذ لا ملك لها ، ومن ثم لو كان التعليق بإعطاء نحو خمر اشترط الفور لقدرتها عليه حالا ، وفي الأول إذا أعطته من كسبها ، أو غيره بانت على تناقض فيه ، ويرده للسيد ، أو مالكه وله عليها مهر المثل إذا عتقت .

والإبراء فيما ذكر كالإعطاء ففي إن أبرأتني لا بد من إبرائها فورا براءة صحيحة عقب علمها ، وإلا لم يقع ، وإفتاء بعضهم بأنه يقع في الغائبة مطلقا ؛ لأنه لم يخاطبها بالعوض فغلبت الصفة بعيد مخالف لكلامهم ، ومن ثم قال في الخادم في " فلانة طالق على ألف إن شاءت " : قياس الباب اعتبار الفورية هنا لوجود المعاوضة أي فكذا الإبراء فيه معاوضة هنا ، وزعم أنه إسقاط فلا تتحقق فيه العوضية ليس بشيء كما هو واضح على أنه مر أن القول بأنه إسقاط ضعيف فعلم إن تصدقت عليك بصداقي على أن تطلقني خلع أي إن أرادت جعل البراءة التي تضمنها التصدق عوضا للطلاق لا تعليقها به كما علم مما مر فيشترط طلاقه على الفور لا يقال : أراد ذلك المفتي التفريع على الضعيف أنه رجعي ؛ لأنا نقول فحينئذ لا فور في غائبة ولا حاضرة ، وفي إن أبرأت فلانا من دينك ، أو أعطيته كذا يقع رجعيا كما مر فلا فورية ، ويكفي التعليق الضمني ففي أنت طالق ، وتمام طلاقك ببراءتك لا بد من براءتها فورا على أحد وجهين يتجه ترجيحه ؛ لأن الكلام لا يتم إلا بآخره ثم رأيت الأصبحي بحث أنه إن لم ينو به الشرط وقع حالا ، وإن نواه وصدقته تعلق به ، وهو ظاهر لكن اعترضه غيره بأن قضيته وقوعه حالا عند الإطلاق والظاهر خلافه كأنت طالق ببراءتك ولأن الكلام إذا اتصل وانتظم يرتبط بعضه ببعض ا هـ وهذا موافق لما ذكرته ، ولو قال : إن أبرأتني فأنت وكيل في طلاقها فأبرأته برئ ثم الوكيل مخير فإن طلق وقع رجعيا ؛ لأن الإبراء وقع في مقابلة التوكيل وتعليقه [ ص: 483 ] إنما يفيد بطلان خصوصه كما مر ولو قال : أنت طالق إلا إن أبرأتني من كذا لم تطلق على الأوجه إلا باليأس من البراءة بنحو إيفاء ، أو موت ، وكذا إلا إن أعطيتني كذا مثلا


حاشية ابن قاسم

( قوله : [ ص: 481 ] ومثلها كل ما لم يدل على الزمن الآتي ) إذا أي لفظ إذا يدل على الزمن الآتي ( قوله : وينبغي إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله : وظاهر كلامهم أنه مع بينونتها لا مال له عليها ) قد يستشكل حينئذ البينونة ؛ لأن الإعطاء يقتضي التمليك وسبق التمليك على الطلاق قد يمنع من كونه عوضا للطلاق المتأخر عنه فليتأمل ( قوله والغائبة ) المناسب لها التصوير بإن أعطتني زوجتي ( قوله : مجلس التواجب ) المناسب للغائبة أنه مجلس علمها بالنسبة [ ص: 482 ] لها فليتأمل ( قوله : أما الأمة إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله : ويرده للسيد ، أو مالكه ) ولا ينافيه ما نقله الرافعي عن البغوي أنه لو قال لزوجته الأمة إن أعطيتني ثوبا فأنت طالق حيث لا تطلق بإعطاء ثوب لعدم ملكها له ؛ لأن الإعطاء في حقها لكونها لا تملك منوط بما يمكن تمليكه انظر مع مسألة الخمر إذا كان اعتبار إمكان التمليك في المال فلم تطلق في مسألة إن أعطيتني ثوبا ؛ إذ لا يمكن تمليكه لجهالته فصار كإعطاء الحرة ثوبا مغصوبا ، أو نحوه بخلاف إن أعطيتني ألفا ، أو هذا الثوب شرح م ر ( قوله : وفي إن أبرأت إلخ ) عطف على قوله قبل ففي إن أبرأتني ( قوله ولو قال إن أبرأتني ) هو بسكون التاء

حاشية الشرواني

( قوله : زائدة إلخ ) أي لفظة ما ( قوله : أو أي وقت ) إلى قوله ثم رأيت في المغني إلا قوله ولا يبطل إلى ولا رجوع وقوله ومثلهما [ ص: 481 ] إلى المتن ( قوله لأنظر إليها ) الأولى التذكير ( قوله : لأن لفظه ) أي التعليق ( قوله : لما فيه ) أي التعليق ، أو لفظه ( قول المتن في المجلس ) أي مجلس التواجب ، وهو كما في المحرر وأهمله المصنف ما يرتبط به الإيجاب بالقبول ا هـ مغني ( قوله : وإن تفرقا إلخ ) أي ولو طال الزمن جدا ا هـ ع ش عبارة المغني فمتى وجد الإعطاء طلقت ، وإن زادت على ما ذكره ولو قيد في هذه بزمان ، أو مكان تعين ا هـ .

( قوله : لدلالته ) أي اللفظ ا هـ مغني ( قوله : منه ) أي الزوج والأولى إسقاطه كما فعله النهاية والمغني ( قوله : وقوعه ) أي وقوع تطليقه وقوله بخلافه أي جانبه وقوله فتطلق أي رجعيا ا هـ ع ش ( قوله : فلم تعطه ) لعل الأولى الواو بدل الفاء ( قوله : كل ما ) أي كل لفظ ا هـ ع ش ( قوله : كل ما لم يدل على الزمن الآتي ) إذا تدل على الزمن الآتي سم ، وهو محل تأمل ؛ لأنه حمل الآتي في كلام الشارح على المستقبل وليس بمراد له ، وإنما المراد الزمن الآتي بيانه في كلامه ، وهو الزمن العام المدلول لمتى وإذا ليست كذلك ا هـ سيد عمر .

( قوله : يقع بائنا حالا ) انظر هل هو في الظاهر والباطن ، وإن لم تكن أعطته شيئا ، أو في الظاهر فقط مؤاخذة بإقراره لا غير ا هـ رشيدي أقول : ويتعين الثاني كما يفيده قول الشارح كالمغني لكن القياس إلخ وتقييد النهاية بظاهرا فيما يأتي ( قوله : وظاهر كلامهم أنه مع بينونتها لا مال له إلخ ) قد يستشكل حينئذ البينونة ؛ لأن الإعطاء يقتضي التمليك وسبق التمليك على الطلاق قد يمنع من كونه عوضا للطلاق المتأخر عنه فليتأمل كذا قاله الفاضل المحشي ولك أن تقول إنما يمنع إن كان منجزا غير مرتبط بالطلاق وليس بمتعين فلعله في ضمن خذ هذه الألف ، أو ملكتك هذه الألف على أن تطلقني بل قول الشارح بذلت ألفا إلخ يعين هذا الحمل ويتردد النظر فيما لو اختلفا فقال ملكتني تمليكا منجزا وقالت بل مرتبطا بالطلاق ولعل الأقرب قبول قولها ؛ لأنها أعرف بما صدر منها ولأن الظاهر من حالها سيما في مثل مقام الشقاق ما ذكرته لا يقال إذا حمل كلامهم على ما ذكر كان من القسم الآتي أعني ابتداءها بالطلب ؛ لأنا نقول قد يذكر بعض فروع قسم في بيان آخر والباعث عليه رفع الإشكال المذكور ا هـ سيد عمر ( قوله : لا مال له إلخ ) زاد النهاية ظاهرا ا هـ وقال الرشيدي ، وكذا باطنا كما هو ظاهر ؛ لأنها لم تلتزم له شيئا فليراجع ا هـ وتقدم أن قول الشارح كالمغني لكن القياس إلخ يفيد التقييد بالظاهر .

( قوله : ويوجه بأن إلخ ) عبارة المغني ، وخرج بإن المكسورة المفتوحة فإن بها يقع الطلاق في الحال بائنا ؛ لأنها للتعليل قاله الماوردي قال ، وكذلك الحكم في إذ ؛ لأنها لماضي الزمان ا هـ .

( قوله : لفظه ) أي الزوج ( قوله : نظير ما مر إلخ ) أي في باب الرهن ا هـ كردي ( قوله : إن كانت حرة ) سيذكر محترزه ثم هو إلى قوله سواء الحاضرة في المغني ( قوله : والمكاتبة ) قياس ما مر في المكاتبة من أنه إذا خالعها على عوض بغير إذن سيدها دينا كان ، أو عينا بانت بمهر المثل أنه يرد عليها ما قبضه منها ولا يملكه ويستقر له في ذمتها مهر المثل ا هـ ع ش ( قوله : والغائبة ) المناسب لها التصوير بإن أعطتني زوجتي ا هـ سم ( قوله : عقب علمها ) متعلق بإعطاء إلخ ( قوله : به ) أي الفور ( قوله : مجلس التواجب ) المناسب للغائبة أنه مجلس علمها بالنسبة لها ا هـ سم ( قوله : السابق ) أي في شرح ببدل الخمر ا هـ كردي ( قوله : بأن لا يتخلل إلخ ) تصوير للفور ( قوله : طويل إلخ ) راجع لكل من الكلام والسكوت وقوله بما مر أي بأن يفارق أحدهما الآخر مختارا وقوله ؛ لأن ذكر العوض إلخ علة لقول المصنف لكن يشترط إعطاء على الفور وقوله لصراحتها أي متى ا هـ ع ش ( قوله : في التأخير ) أي في جواز التأخير مع كون المغلب في ذلك من جهة [ ص: 482 ] الزوج معنى التعليق بخلاف جانب الزوجة كما مر ا هـ مغني .

( قوله : لها ) أي أن قوله وإذا عطف على إن ( قوله : لأنها ) أي إذا ( قوله : فلهذا الاشتراك ) أي اشتراك إذا ومتى ( قوله : صح أن يقال ) أي في الجواب وقوله ؛ لأنها أي إن ا هـ ع ش ( قوله : عن الزمان ) الأولى تقديمه على الذي في متى ( قوله : ومحل التسوية إلخ ) أي في الفورية ( قوله : أما الأمة ) إلى قوله والإبراء في المغني إلا قوله على تناقض فيه ( قوله : أما الأمة ) محترز قوله إن كانت حرة ا هـ ع ش ( قوله : وإن طال ) أي الزمن ( قوله : ومن ثم ) أي لأجل أن العلة التعذر ( قوله : بنحو خمر ) أي بإعطائه ( قوله لقدرتها إلخ ) ؛ لأن يدها ويد الحرة عليه سواء ، وقد تشمل يدها عليه ا هـ مغني ( قوله : وفي الأول ) أي غير نحو الخمر ا هـ ع ش ( قوله : ويرده ) أي الزوج ما قبضه من الزوجة الأمة ( قوله : أو مالكه ) لو اقتصر عليه لكفى ( قوله : إذا أعتقت ) أي كلها أخذا من كلامه في معاملة الرقيق ا هـ ع ش ( قوله فيما ذكر ) متعلق بكاف كالإعطاء فكان الأولى تأخيره عنه ( قوله : إن أبرأتني ) المناسب لما مر في المتن كونه بكسر التاء ( قوله : وإلا ) أي بأن لم يوجد البراءة ، أو فوريتها ، أو صحتها ( قوله : لم يقع ) أي الطلاق ( قوله وإفتاء بعضهم إلخ ) مما يبعد الإفتاء المذكور تصريحهم في البيع من غائب بأنه يشترط فيه القبول فورا مع أنه لا يخاطب بالعوض ا هـ سيد عمر ( قوله : مطلقا ) أي وجد الفورية ، أو لا ( قوله : فغلبت الصفة ) أي : التعليق على المعاوضة ( قوله : اعتبار الفورية ) أي للمشيئة .

( قوله : وزعم أنه ) أي الإبراء هنا ( قوله : على أنه مر ) أي في الضمان ا هـ كردي ( قوله : فعلم إلخ ) أي من قوله : والإبراء فيما ذكر كالإعطاء إلخ ( قوله : أي إن أرادت جعل إلخ ) سكت عن حالة الإطلاق ويظهر أنها ملحقة بهذه الصورة لا بقصد التعليق ؛ لأن ظاهر الصيغة المعاوضة ا هـ سيد عمر ( قوله : لا تعليقها ) عطف على قوله : جعل البراءة إلخ وقوله : وبه أي الطلاق ( قوله : كما علم مما مر ) أي في شرح ، وإن لم يقبل لم تطلق ا هـ كردي ( قوله : طلاقه ) أي تطليقه ( قوله : على الضعيف ) أي في إن أبرأتني إلخ ( قوله : أنه رجعي ) بيان للضعيف ( قوله : وفي إن أبرأت إلخ ) عطف على قوله في إن أبرأتني ( قوله : كما مر ) أي في شرح فرقة بعوض ا هـ كردي ( قوله التعليق الضمني ) قد يقال إن ما هنا تعليق محض ( قوله : الشرط ) أي تعليق الطلاق بالبراءة ( قوله : وقع إلخ ) أي رجعيا ( قوله تعلق ) أي الطلاق به أي شرط البراءة ( قوله بأن قضيته ) أي قوله إن لم ينو به الشرط وقع حالا ( قوله : ولأن الكلام إلخ ) عطف على قوله كأنت طالق إلخ ( قوله : وهذا ) أي قول المعترض ولأن الكلام إلخ ( قوله لما ذكرته ) أي في ترجيح اشتراط فورية البراءة ( قوله : ولو قال إن أبرأتني إلخ ) بسكون التاء ا هـ سم ( قوله : وتعليقه إلخ ) أي التوكيل ، أو هذا جواب عما يقال لما كان الإبراء في مقابلة التوكيل كان التوكيل معلقا والتوكيل المعلق باطل وحاصل الجواب أن الباطل هو [ ص: 483 ] خصوص التوكيل وأما التطليق فيصح لعموم الإذن ا هـ كردي ( قوله : بطلان خصوصه ) أي خصوص كونه وكيلا حتى يفسد الجعل المسمى إن كان فيرجع لأجرة المثل ، وأما عموم كونه مأذونا له في التصرف من قبل الموكل فلا يبطله التعليق ا هـ سيد عمر

التالي السابق


الخدمات العلمية