صفحة جزء
( فلو سبق لسانه بطلاق من غير قصد ) تأكيد لفهمه من التعبير بالسبق ( لغا ) كلغو اليمين ومثله تلفظه به حاكيا وتكرير الفقيه للفظه في تصويره ودرسه ( ولا يصدق ظاهرا ) في دعواه سبق لسانه أو غيره مما يمنع الطلاق لتعلق حق الغير به ولأنه خلاف الظاهر الغالب من حال العاقل ( إلا بقرينة ) كما يأتي فيمن التف بلسانه حرف بآخر فيصدق ظاهرا في السبق لظهور صدقه حينئذ أما باطنا فيصدق مطلقا وكذا لو قال لها طلقتك ثم قال أردت أن أقول طلبتك ولها قبول قوله هنا وفي نظائره إن ظنت صدقه بأمارة ولمن ظن صدقه أيضا أن لا يشهد عليه به بخلاف ما إذا علمه وجعل البلقيني في فتاويه من القرينة ما لو قال لها أنت حرام علي وظن أنها طلقت به ثلاثا فقال لها أنت طالق ثلاثا ظانا وقوع الثلاث بالعبارة الأولى فإنه سئل عن ذلك فأجاب بقوله لا يقع عليه طلاق بما أخبر به بانيا على الظن المذكور انتهى ، ويأتي في الكتابة في أعتقتك أو أنت حر عقب الأداء المتبين فساده أنه لا يعتق به لقرينة أنه إنما رتبه على صحة الأداء قالوا ونظير ذلك من قيل له طلقت امرأتك فقال نعم طلقتها ثم قال ظننت أن ما جرى بيننا طلاق وقد أفتيت بخلافه [ ص: 28 ] فلا يقبل منه إلا بقرينة . انتهى .

وفيه تأييد لما قاله البلقيني ؛ لأنه جعل ظنه الوقوع بأنت حرام علي قرينة صارفة للإخبار ثانيا عن حقيقته كما جعلوا الأداء قرينة صارفة لأنت حر أو أعتقتك عن حقيقته ، وإفتاؤه بما رتب عليه كلامه قرينة صارفة له كذلك فإن قلت ينافي ذلك قول التوسط عن ابن رزين حلف بالثلاث أنه لا يخرج إلا بها فأخبر بأن عقده باطل من أصله فخرج بدونها ثم بانت صحة عقده وقع الثلاث ولم يعذر في ذلك قلت يفرق بأن الإخبار ببطلان العقد أمر أجنبي عن المحلوف عليه فلم يصلح قرينة بخلاف ما لو أفتي في المحلوف عليه بشيء فأخبر بالثلاث على ظن صحة الإفتاء فبان عدم صحة الإفتاء فلا يقع عليه شيء للقرينة الظاهرة هنا وبتسليم أن الإخبار ببطلان العقد غير أجنبي يتعين حمل ذلك المخبر على أنه ليس ممن يعتمد عند الناس فهذا لا يكون إخباره قرينة كما يأتي في شرح قول المتن ففعل ناسيا للتعليق أو مكرها عليه مع فروع أخرى لها تعلق بما هنا فإن قلت ما ذكر من أن القرينة تفيد إنما يتأتى فيما إذا أخبر مستندا إليها أما إذا أنشأ إيقاعا ظانا أنه لا يقع فإنه يقع ولا يفيده ذلك الظن شيئا كما يعلم مما يأتي في ، وهو يظنها أجنبية ومسألة البلقيني من هذا قلت ممنوع بل هي من الأول كما يصرح به قول البلقيني بما أخبر به بانيا على الظن المذكور .


حاشية ابن قاسم

( قوله : أو غيره ) دخل فيه ما تقدم عن الروياني فأي قرينة فيه وظاهر كلامهم فيه الاكتفاء بإمكان الصبا وعهد الجنون فكأنهم جعلوا ذلك قرينة ( قوله : ولمن ظن صدقه أيضا أن لا يشهد إلخ ) ظاهره أنه يجوز أن يشهد ( قوله : ولمن ظن إلخ ) قال في شرح الروض كذا ذكره الأصل هنا وذكر أواخر الطلاق أنه لو سمع لفظ رجل بالطلاق وتحقق أنه سبق لسانه إليه لم يكن له أن يشهد عليه بمطلق الطلاق وكان ما هنا فيما إذا ظنوا وما هناك فيما إذا تحققوا كما يفهمه كلامه ومع ذلك فيما هنا نظر . ا هـ . أي بل ينبغي أن ليس له الشهادة عليه هنا أيضا ( قوله : بما أخبر به بانيا ) خرج ما لو قضى به الإنشاء وسيشير إليه [ ص: 28 ] قوله : فلا يقبل منه ) انظره مع قوله ونظير ذلك إلا أن يكون التنظير باعتبار ما أفهمه هذا وانظر قوله إلا بقرينة مع قوله ، وإفتاؤه بما رتب عليه كلامه قرينة إلخ ( قوله : وإفتاؤه إلخ ) جعل الإفتاء قرينة يخالف قوله إلا بقرينة إلا أن يريد قرينة على وجود الإنشاء .

حاشية الشرواني

( قول المتن من غير قصد ) أي لحروف الطلاق لمعناه . ا هـ مغني ( قوله : تأكيد ) أي قوله : من غير قصد تأكيد لما قبله ( قوله : ومثله ) إلى قول المتن إلا بقرينة في المغني ( قوله : ومثله إلخ ) لعله في كونه لغوا فقط لا في أنه لا يصدق ظاهرا إذ ما ذكر من الحكاية والتصوير قرينة ظاهرة في عدم إرادة الإيقاع ( قوله : حاكيا ) أي لكلام غيره . ا هـ . مغني أي أو لما كتبه هو كما مر ( قوله : للفظه ) أي الطلاق ( قوله : أو غيره ) دخل فيه ما تقدم عن الروياني فأي قرينة فيه وظاهر كلامهم فيه الاكتفاء بإمكان الصبا وعهد الجنون فكأنهم جعلوا ذلك قرينة سم على حج أي لتقريبهما صدقه فيما قاله . ا هـ . ع ش ( قوله : كما يأتي إلخ ) وكإن دعاها بعد طهرها من الحيض إلى فراشه ، وأراد أن يقول أنت الآن طاهرة فسبق لسانه وقال أنت اليوم طالقة . ا هـ . مغني ( قوله : فيمن التف ) أي انقلب ( قوله : فيصدق ظاهرا إلخ ) تفريع على قول المتن إلا بقرينة ( قوله : أما باطنا فيصدق ) أي فيعمل بمقتضاه ولو عبر بينفعه كان أولى وقوله : مطلقا أي كان هناك قرينة أم لا . ا هـ . ع ش ( قوله : وكذا ) أي يصدق باطنا مطلقا . ا هـ . رشيدي ( قوله : ثم قال أردت أن أقول طلبتك إلخ ) ظاهره ، وإن لم يكن هناك قرينة ، ويحتمل خلافه فلا يقبل حيث لا قرينة ، وهو الظاهر . ا هـ ع ش عبارة الرشيدي قوله : وكذا لو قال لها طلقتك إلخ الظاهر أن التشبيه راجع لقوله أما باطنا فيصدق مطلقا بقرينة ما بعده فليراجع . ا هـ .

( قوله : ولها قبول ) أي ويجوز لها إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله هنا ) أي في دعوى نحو سبق اللسان بلا قرينة ( قوله : ولمن ظن إلخ ) أي يجوز له إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : ولمن ظن صدقه أيضا أن لا يشهد إلخ ) ظاهره أنه يجوز له أن يشهد قال في شرح الروض وفيه نظر . ا هـ . أي بل ينبغي أن ليس له الشهادة عليه مع الظن كما أنه ليس له تلك مع العلم سم ومغني انظر هل يقال أخذا من هذا أنه يجب على المرأة الظانة صدقه قبوله . ( قوله : بخلاف ما إذا علمه ) أي سبق اللسان ونحوه بقرينة ظاهرة فتحرم عليه الشهادة . ا هـ . ع ش عبارة الرشيدي أي فلا يجوز له الشهادة فالمخالفة بالنسبة إلى ما أفهمه قوله : ولمن ظن صدقه إلخ من أن له أن يشهد . ا هـ . عبارة الكردي قوله : بخلاف ما إذا علمه مفهوم قوله ولمن ظن إلخ يعني يجوز لمن ظن صدقه أن لا يشهد عليه بالطلاق ، ويجوز له أن يشهد عليه به أيضا بخلاف ما إذا علم صدقه فإنه لا يجوز له أن يشهد عليه به أصلا . ا هـ .

وكل من هاتين مخالف لما مر عن سم والمغني ( قوله : فقال لها ) أي بقصد الإخبار كما يأتي ، ويظهر أن الإطلاق بلا قصد شيء من الإخبار والإنشاء كقصد الإخبار فليراجع .

( قوله : ظانا إلخ ) مجرد تأكيد لما قبله ( قوله : بما أخبر به إلخ ) خرج ما لو قصد به الإنشاء وسيشير إليه . ا هـ . سم ( قوله : بانيا إلخ ) حال من فاعل أخبر ( قوله : في أعتقتك إلخ ) أي فيما إذا قال السيد عقب أداء مكاتبه النجوم أعتقتك أو أنت حر ثم تبين فساده ( قوله : أنه لا يعتق به إلخ ) فاعل يأتي ( قوله : قالوا إلخ ) أي أصحابنا ( قوله : ونظير ذلك ) أي قوله أعتقتك إلخ ا هـ كردي ( قوله : ثم قال ظننت إلخ ) أي وكان قولي نعم طلقتها مبنيا على هذا الظن ( قوله : أن ما جرى بيننا ) أي بينه وبين الزوجة من نحو طالق وحده ابتداء ( قوله : وقد أفتيت ) [ ص: 28 ] أي بعد ذلك القول بخلافه أي الظن المذكور ( قوله : فلا يقبل منه إلخ ) قد يقال ما وجه عدم الاكتفاء بالظن هنا والاكتفاء به في مسألة البلقيني فتدبره . ا هـ . سيد عمر عبارة سم انظر قوله فلا يقبل منه مع قوله ونظير ذلك إلا أن يكون التنظير باعتبار ما أفهمه هذا . ا هـ .

وقد يجاب عن كل منهما بأن مراد الشارح بالقرينة ثبوت سبق أمر بينهما محتمل للطلاق ثم رأيت قول الشارح في آخر باب الخلع ما نصه كما لو قال طلقت ثم قال ظننت أن ما جرى بيننا طلاق وقد أفتيت بخلافه فإنه إن وقع بينهما خصام قبل ذلك في طلقت أهو صريح أم لا كان ذلك قرينة ظاهرة على صدقه فلا يحنث ، وإلا حنث . ا هـ . وهو صريح فيما قلت ( قوله : انتهى ) أي ما يأتي ( قوله : ؛ لأنه ) أي البلقيني ( قوله : عن حقيقته ) لعل المراد عن حقيقته الشرعية التي هي إنشاء الطلاق ( قوله : وإفتاؤه بما رتب عليه إلخ ) جعل الإفتاء قرينة يخالف قوله إلا بقرينة إلا أن يريد قرينة على وجود الإفتاء . ا هـ . سم ، وأجاب عنه السيد عمر بما نصه : يظهر أنه أي ضميره قول الشارح ، وإفتاؤه إلخ ليس إشارة إلى الإفتاء المفهوم منه وقد أفتيت السابق آنفا بل ابتداء كلام حاصله أن من جملة القرائن ما لو وقع منه لفظ محتمل للطلاق فاستفتى فيه فأفتي بالوقوع فأخبر بالطلاق معتمدا على الإفتاء السابق .

ثم أفتى بعدم الوقوع باللفظ السابق وتبين عدم صحة الإفتاء الأول فلا نوقع عليه باللفظ الثاني أيضا إذا قال إنما أردت الإخبار ؛ لأن القرينة ، وهي الإفتاء السابق تدل له فلا يرد على الشارح ما أورده الفاضل المحشي فإنه مبني على حمل الإفتاء في كلامه على ما سبق في ضمن وقد أفتيت إلخ ولا يصح حمله عليه بوجه ؛ لأن ذلك الإفتاء في تلك الصورة متأخر عن قوله نعم طلقتها فأنى يصلح قرينة للإخبار بل ولو فرض تقديمه لا يصلح أيضا للقرينة بل يؤيد الوقوع بقوله نعم طلقتها كما هو ظاهر للمتأمل وقوله : على حمل الإفتاء إلخ صرح بهذا الحمل الكردي فيرد أيضا بما ذكر . ا هـ .

( قوله : ينافي ذلك ) أي ما قاله البلقيني أو قولهم ونظير ذلك إلخ ( قوله : وبتسليم أن إلخ ) لعل تسليم هذا مع الحمل الآتي هو المتعين . ( قوله : أما إذا أنشأ إيقاعا إلخ ) يؤخذ من صنيعه هنا ومما يأتي أنه لو قصد الإنشاء في مسألة البلقيني ونظائرها يقع ظاهرا اتفاقا ، وأما الوقوع باطنا ففيه الخلاف الآتي . ا هـ سيد عمر أي في مسألة ظنها أجنبية ومعلوم أن ما هنا في قصد الإنشاء مع ظن عدم الوقوع ، وأما لو قصد الإنشاء بدون ذلك الظن فيقع ظاهرا وباطنا باتفاق ( قوله : ظانا أنه لا يقع ) أي بهذا الإيقاع لظنه حصول البينونة بما صدر منه أولا .

التالي السابق


الخدمات العلمية