صفحة جزء
( أو ) قال : أنت طالق ( في نهاره ) أي شهر كذا ( أو أول يوم منه فيقع ) الطلاق ( بفجر أول يوم منه ) [ ص: 88 ] لأن الفجر لغة أول النهار ، وأول اليوم وبه يعلم أنه لو قال لها : أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم قبيل الغروب بان طلاقها من الفجر على الأصح عند الأصحاب ، وقياسه أنه لو قال متى قدم فأنت طالق يوم خميس قبل يوم قدومه فقدم يوم الأربعاء بان الوقوع من فجر الخميس الذي قبله وترتيب أحكام الطلاق الرجعي أو البائن من حينئذ ، ونظيره ما لو قال : أنت طالق قبل موتي بأربعة أشهر وعشرة أيام فعاش أكثر من ذلك ثم مات فيتبين وقوعه من تلك المدة ، ولا عدة عليها إن كان بائنا أو لم يعاشرها ، ولا إرث لها ، وأصل هذا قولهم في : أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر يشترط للوقوع قدومه بعد مضي أكثر من شهر من أثناء التعليق فحينئذ يتبين وقوعه قبل شهر من قدومه فتعتد من حينئذ ؛ لأنه علق بزمن بينه وبين القدوم شهر فاعتبر مع الأكثرية الصادقة بآخر التعليق فأكثر ليقع فيها الطلاق ، وقولهما : بعد مضي شهر من وقت التعليق مرادهما بوقت التعليق آخره فيتبين الوقوع مع الآخر لتقارن الشرط والجزاء في الوجود ، ولو قال إلى شهر وقع بعد شهر مؤبدا إلا أن يريد تنجيزه وتوقيته فيقع حالا ومثله إلى آخر يوم من عمري ، وبه يعلم أنه لو قال : أنت طالق آخر يوم من عمري طلقت بطلوع فجر يوم موته إن مات نهارا ، وإلا فبفجر اليوم السابق على ليلة موته وتقدير ذلك في اليوم الأخير من أيام عمري إذ هو من إضافة الصفة للموصوف قال بعضهم أخذا من كلام الجلال البلقيني : ومحل هذا إن مات في غير يوم التعليق أو في ليلة غير الليلة التالية ليوم التعليق

[ ص: 89 ] وإلا وقع حالا انتهى ، ومراده أنه يتبين وقوعه من حين التلفظ ، ولو قال آخر يوم لموتي أو من موتي لم يقع شيء لاستحالة الإيقاع والوقوع بعد الموت ، ولو قال آخر يوم ، ولم يزد ، ولا نية له فالذي أفتيت به أنه لا يقع به شيء لتردده بين آخر يوم من عمري أو من موتي ، وما تردد بين موقع وعدمه ، ولا مرجح لأحدهما من تبادر ونحوه يتعين عدم الوقوع به ؛ لأن العصمة ثابتة بيقين فلا ترفع بمحتمل ، ولو قال : على آخر عرق يموت مني كما اعتادته طائفة فهو كقوله مع موتي فلا وقوع به كما يأتي أو آخر جزء من عمري أو من أجزاء عمري وقع قبيل موته أي آخر جزء يليه موته خلافا لمن زعم وقوعه حالا فقد صرحوا في أنت طالق آخر جزء من أجزاء حيضتك بأنه سني لاستعقابه الشروع في العدة ، وأجاب الروياني عما يقال : كيف يقع مع أن الوقوع عقب آخر جزء ، وهو وقت الموت بأن حالة الوقوع هي الجزء الأخير لا عقبه لسبق لفظ التعليق هنا فلا ضرورة إلى التعقيب بخلافه في : أنت طالق فإنه إنما يقع عقب اللفظ لا معه لاستحالته ولو قال قبل أن أضربك أو نحوه مما لا يقطع بوجوده فضربها بان وقوعه قال جمع عقب اللفظ ورده شيخنا بأن الموافق لقولهم في أنت طالق قبل شهر بعده رمضان وقع آخر جزء من رجب وقوعه قبيل الضرب باللفظ السابق وقول الشيخين فحينئذ يقع مستندا إلى حال اللفظ أقرب إلى الأول بل ظاهر فيه لقولهما مستندا إلى حال اللفظ ، ولم يقولا إلى اللفظ [ ص: 90 ] وعليه يفرق بين هذا وما قاس عليه بأن التعليق ثم بأزمنة متعاقبة كل منها محدود الطرفين فتقيد الوقوع بما صدقه فقط وهنا بفعل ، ولا زمن له محدود يمكن التقيد به فتعين الوقوع من حين اللفظ


حاشية ابن قاسم

( قوله : فقدم يوم الأربعاء ) أي : أو الخميس

( قوله : فعاش أكثر من ذلك ) ينبغي أن يراد الأكثر من أثناء التعليق أخذا مما يذكر آنفا

( قوله : ولا عدة عليها إن كان بائنا إلخ ) ومعلوم أن عدة البائن قد تنقضي قبل مضي الأربعة أشهر وعشر ، وكذا عدة الرجعية ؛ لأنها ، وإن كانت تنتقل إلى عدة الوفاة لو مات في أثناء عدتها لكن عدتها تنقضي هنا قبل الموت فلا يتصور انتقال

( قوله : من أثناء التعليق ) صادق بأن الزيادة على الشهر بقية التعليق ، وهو ظاهر ؛ لأن الطلاق يقارن التعليق فتتحقق الصفة

( قوله : وقع بعد شهر إلخ ) أي فهو تعليق روى الحاكم والبيهقي أن ابن عباس سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق إلى سنة فقال : هي امرأته إلى سنة

( قوله : ومثله إلى آخر يوم من عمري ) تقديره أخذا مما يأتي آنفا إلى اليوم الأخير من عمري أي : فيقع في اليوم الأخير منه كما يفيده قوله ومثله

( قوله : من إضافة الصفة ) أي : وهو " آخر " إلى الموصوف أي ، وهو " يوم "

( قوله : ومحل هذا إلخ ) بقي ما لو مات في ليلة التعليق فقد يقال هو كما لو قال : أنت طالق أمس فيأتي فيه تفصيله الآتي ؛ لأنه بمنزلة قوله [ ص: 89 ] أنت طالق في اليوم الماضي ، وقد يقال بخلافه ؛ لأن هذا جاهل بموته فليس قصده إلا التعليق بمجيء آخر يوم من عمره ، وقد بان بموته استحالته فلا يقع شيء ؛ لأن الطلاق لا يسبق اللفظ

( قوله : وإلا وقع حالا ) يشمل ما إذا مات في ليلة التعليق وفي الوقوع حالا نظر ؛ إذ لم يوجد المعلق عليه بعد التعليق ، والطلاق لا يسبق اللفظ ، وقد يقال : يجري فيه أنت طالق أمس ؛ لأنه بمعناه ، وقد يفرق فليحرر

( قوله : ولو قال آخر يوم ، ولم يزد ، ولا نية له فالذي أفتيت به أنه لا يقع به شيء إلخ ) ولو قال آخر يوم ، ولم يزد ، ولا نية له وقع بغروب شمس أول يوم يلقاه أي لوجود مسمى المعلق عليه بعد التعليق خلافا لمن قال : إنه أفتى بعدم الوقوع مطلقا شرح م ر

( قوله : ولو قال قبل أن أضربك أو نحوه إلخ ) قال في الروض ، وإن قال : أنت طالق قبل موتي وقع في الحال ا هـ

( قوله : مما لا يقطع بوجوده إلخ ) أخرج قبل طلوع الشمس

( قوله : عقب اللفظ ) قد يقتضي أنه لو اتصل موته بآخر اللفظ بلا فاصل أنه لا يقع ، وفيه نظر ، ويؤيد النظر ما تقدم في : أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم بعد شهر فقط بعد تمام التعليق من أنه يقع مع آخر التعليق لا بعده فقد وقع مع اللفظ مع أنه لم يسبق زمان الوقوع فليراجع فإن ما قاله الروياني مشكل ، وما ادعاه من الاستحالة ممنوع ، وكذا يقال في قوله الآتي قال جمع عقب اللفظ

( قوله : لقولهما مستندا إلى حال اللفظ ، ولم يقولا إلى اللفظ ) وقد يقال قولهما مستندا إلى حالة اللفظ ، ولم يقولا وقع في حال اللفظ يؤيد [ ص: 90 ] الثاني

حاشية الشرواني

( قوله لأن الفجر ) إلى قوله ولو قال في آخر يوم ، ولم يزد في النهاية

( قوله : وبه يعلم إلخ ) أي بالتعليل

( قوله : وقياسه ) أي قوله : أنت طالق يوم يقدم زيد إلخ

( قوله : فقدم يوم الأربعاء ) أي : أو الخميس سم على حج أي فيتبين الوقوع يوم الخميس الذي قبل يوم الخميس الذي قدم فيه ا هـ ع ش

( قوله : الذي قبله ) أي حيث مضى لها خميس قبل قدومه وبعد التعليق ، وإلا فلا وقوع ا هـ

( قوله : ونظيره ) أي المقيس ا هـ ع ش

( قوله : فعاش أكثر من ذلك ) ينبغي أن يراد أن الأكثر من أثناء التعليق أخذا مما يذكره آنفا ا هـ سم

( قوله : من تلك المدة ) أي : ولا يحرم عليه الاستمتاع بها بعد التعليق ، وظاهره ، وإن طرأ عليه مرض يقطع بموته عادة فيه على وجه يتبين به وقوع الطلاق قبل الوطء فإن تبين بعد الوطء أنه وقع بعد الطلاق كان وطء شبهة ا هـ ع ش ( قوله : ولا عدة عليها إلخ ) أي حيث انقضت عدة الطلاق قبل موته ، وإلا فتنتقل إلى عدة الوفاة إن كان الطلاق رجعيا وتكمل عدة الطلاق إن كان بائنا ا هـ رشيدي زاد ع ش وفي سم على حج ، ومعلوم أن عدة البائن قد تنقضي قبل مضي الأربعة أشهر وعشر ، وكذا عدة الرجعية ؛ لأنها ، وإن كانت تنتقل إلى عدة الوفاة لو مات في أثناء عدتها لكن عدتها تنقضي هنا قبل الموت فلا يتصور انتقال انتهى ا هـ

( قوله : وأصل هذا ) أي قوله : أنت طالق قبل موتي إلخ ا هـ ع ش ( قوله : من أثناء التعليق ) هو صادق بأن الزيادة على الشهر بقية التعليق ، وهو ظاهر ؛ لأن الطلاق يقارن التعليق فتتحقق الصفة سم على حج ا هـ ع ش

( قوله : فاعتبر ) أي الشهر رشيدي وكردي ( قوله : بآخر التعليق ) متعلق بالصادقة يعني يصدق على الجزء الذي هو زمن التلفظ بآخر التعليق وعلى أكثر من ذلك الجزء أنه أكثرية للشهر أي يصير الشهر مع ذلك أكثر من الشهر ، واعتبار تلك الأكثرية إنما يحتاج إليها ليقع فيها الطلاق ا هـ كردي

( قوله : وقولهما إلخ ) جواب سؤال نشأ عن اعتبار الأكثرية والزيادة على الشهر ( قوله : وقع بعد شهر إلخ ) أي فهو تعليق روى الحاكم والبيهقي أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق إلى سنة فقال : هي امرأته سنة ا هـ سم

( قوله : مؤبدا ) أي : وإن كان إلى تقتضي أن الطلاق معين بآخر الشهر ، وأنها تعود بعده إلى الزوجية ا هـ ع ش

( قوله : فيقع حالا ) أي ومؤبدا أيضا ع ش ورشيدي

( قوله : ومثله ) أي قوله إلى شهر ا هـ ع ش ( قوله ومثله إلى آخر يوم إلخ ) تقديره أخذا مما يأتي آنفا إلى اليوم الأخير من عمري أي فيقع في اليوم الأخير منه كما يفيده قوله : ومثله ا هـ سم

( قوله : وبه يعلم ) أي بقوله : ومثله إلى آخر يوم من عمري ( قوله : وتقدير ذلك إلخ ) أي تأويله بأن المعنى في اليوم الأخير من أيام إلخ ا هـ ع ش

( قوله : في ذلك إلخ ) خبر وتقدير ذلك

( قوله : من إضافة الصفة ) وهي آخر إلى الموصوف ، وهو يوم ا هـ سم

( قوله : ومحل هذا إلخ ) مقول قال والإشارة إلى قوله طلقت [ ص: 89 ] بطلوع فجر يوم موته إلخ

( قوله : وإلا وقع حالا ) يشمل ما إذا مات في ليلة التعليق ، وفي الوقوع حالا حينئذ نظر ؛ إذ لم يوجد المعلق عليه بعد التعليق ، والطلاق لا يسبق اللفظ ا هـ سم أقول : قول الشرح : وإلا تحته صورتان أن يقوله نهارا ، ويموت في بقية اليوم ، أو يقوله نهارا ، ويموت في الليلة التالية له ، وفي كل منهما إذا قلنا : يتبين وقوع الطلاق من وقت التعليق لا يقال : إن الطلاق سبق اللفظ بل وقع الطلاق بصيغته لكن تأخر تبينه عن وقته أما لو قاله ليلا ومات في بقيتها فهو غير داخل تحت ذلك ، وحكمه أن لا وقوع لعدم وجود ما يصدق عليه اليوم ونظيره ما لو قال ليلا إذا مضى اليوم ، وحكمه أن لا وقوع ا هـ ع ش

( قوله : ومراده ) أي البعض ( قوله : ولا نية له ) ظاهره أنه إن نوى آخر يوم من عمري فحكمه الوقوع فيه أو من موتي فعدم الوقوع مطلقا ا هـ سيد عمر

( قوله : فالذي أفتيت به أنه لا يقع إلخ ) خلافا للنهاية عبارته : طلقت بغروب شمس يلي ذلك التعليق فيما يظهر ، وإن زعم بعضهم أنه أفتى بعدم الوقوع مطلقا ا هـ قال ع ش قوله : بغروب شمس يلي إلخ بل قد يقال في آخر اليوم الذي علق فيه ؛ لأنه يصدق عليه أنه آخر يوم من مطلق الأيام ، وهو وجيه ، وقوله : وإن زعم بعضهم هو حج ا هـ

( قوله : بين موقع وعدمه ) نشر مرتب

( قوله : ونحوه ) أي كالقرينة الخارجية

( قوله : كما يأتي ) أي في التنبيه

( قوله : أو آخر جزء ) إلى المتن في النهاية إلا قوله : خلافا إلى فقد ( قوله : أو آخر جزء من عمري ) ويظهر أنه لو قال : آخر عمري كان الحكم كذلك ا هـ سيد عمر

( قوله : فقد صرحوا إلخ ) عبارة النهاية لتصريحهم إلخ

( قوله : وهو ) أي العقب

( قوله : لاستحالته ) أي الوقوع مع اللفظ

( قوله : ولو قال قبل أن أضربك إلخ ) قال في الروض : وإن قال : أنت طالق قبل موتي وقع في الحال انتهى ا هـ سم

( قوله : مما لا يقطع بوجوده ) أخرج قبل طلوع الشمس ا هـ سم

( قوله : فضربها ) أي بعد التعليق ولو بزمن طويل ، ومفهوم قوله : فضربها أنه لو لم يضربها لم يقع ؛ لأن المعنى إن ضربتك فأنت طالق قبل الضرب ، ولم يوجد الضرب فلا وقوع ا هـ ع ش

( قوله : قال جمع إلخ ) معتمد ا هـ ع ش عبارة السيد عمر أقول يؤيده ما نقله الشيخان عن القفال في : أنت طالق قبل موتي من الوقوع في الحال بخلاف قبل موتي بضم القاف مع ضم الباء أو إسكانها ، وقبيل موتي فإنه لا يقع إلا في آخر جزء من عمره نعم يشكل على ما قاله ذلك الجمع بل وعلى مسألة الموت ما استند إليه شيخ الإسلام ولا يجدي في الفرق ما أفاده الشارح رحمه الله تعالى ؛ إذ التعليق في المسألة المذكورة ليس بمحدود بل بمطلق مضاف لمحدود ، وهو مع ذلك صادق بكل زمن من الأزمنة السابقة بلا شك فليتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله : وقوعه إلخ ) خبر أن الموافق إلخ ( قوله لقولهما مستندا إلى حال اللفظ ، ولم يقولا إلخ ) وقد يقال : قولهما مستندا إلى حال اللفظ ، ولم يقولا وقع في حال اللفظ يؤيد الثاني ا هـ سم [ ص: 90 ]

( قوله : وعليه ) أي على الأول ، وهو ما قاله الجمع يفرق بين هذا أي نحو قبل أن أضربك

( قوله : وما قاس ) أي شيخنا والضمير في بما صدقه يرجع إلى الوقوع ا هـ كردي أقول : والظاهر المتعين أن الضمير راجع إلى الزمن المحدود ، وهو كامل الرجب

( قوله : ولا زمن له إلخ ) على أن قوله أولا مما لا يقطع بوجوده ظاهر في الفرق بين ما ذكره وبين ما قاس عليه ؛ لأن الشهر الذي بعده رمضان مما يقطع بوجوده ا هـ ع ش

التالي السابق


الخدمات العلمية