صفحة جزء
( فصل ) في مؤن الأقارب ( يلزمه ) أي : الفرع الحر ، أو المبعض الذكر والأنثى ( نفقة ) أي : مؤنة حتى نحو دواء وأجرة طبيب ( الوالد ) المعصوم الحر وقنه المحتاج له وزوجته [ ص: 345 ] إن وجب إعفافه ، أو المبعض بالنسبة لبعضه الحر لا المكاتب ( وإن علا ) ولو أنثى غير وارثة إجماعا ولقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } لخبر الصحيح { أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه } ( و ) يلزم الأصل الحر ، أو المبعض الذكر والأنثى مؤنة ( الولد ) المعصوم الحر ، أو بعض ، كذلك ( وإن سفل ) ولو أنثى كذلك لقوله تعالى { وعلى المولود } الآية ومعنى وعلى الوارث مثل ذلك الذي أخذ منه أبو حنيفة رضي الله عنه وجوب نفقة المحارم أي : في عدم المضارة كما قيده ابن عباس رضي الله عنهما وهو أعلم بالقرآن من غيره ، وقوله { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فإذا لزمه أجرة الرضاع فكفايته ألزم ومن ثم أجمعوا على ذلك في طفل لا مال له وألحق به بالغ عاجز كذلك { لقوله صلى الله عليه وسلم لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } .

( وإن اختلف دينهما ) بشرط عصمة المنفق عليه كما مر لا نحو مرتد وحربي كما بحثه الزركشي ، وغيره وهو ظاهر ؛ لأنها مواساة وهما ليسا من أهلها وهل يلحق بهما نحو زان محض بجامع الإهدار ، أو يفرق بأنهما قادران على عصمة نفسيهما ؟ فكان المانع منهما بخلافه فإن توبته لا تعصمه ، ويسن له الستر على نفسه ، وكذا للشهود على ما يأتي فكان من أهل المواساة لعدم مانع قائم به يقدر على إسقاطه كل محتمل ، والثاني أوجه ولا يعارضه ما مر في التيمم أنه لا يجب بل لا يجوز صرف الماء لشربه بل يتطهر صاحبه به ، وإن هلك الآخر عطشا وذلك لاختلاف ملحظي ما هنا وثم ؛ لأن ملحظ ذاك تعلق حق الطهر بعين الماء بمجرد دخول الوقت حتى لا يصح تصرفه فيه فلم يقبل الصرف عنه بسبب ضعيف ، وأما هنا فالتعلق منوط وصف القرابة وحينئذ يجب النظر إلى من قام به وصف ينافيها من كل وجه وهو الحرابة ، أو الردة منع الإنفاق عليه لمنعه سببه بالكلية بخلاف من لم يقم به وصف كذلك وهو نحو الزاني المحصن ؛ لأنه لا تقصير منه الآن فلم يوجد فيه وصف رافع لمقتضى أصل القرابة فاستصحبنا حكمها فيه .

وذلك لعموم الأدلة وكالعتق ورد الشهادة بخلاف الإرث فإنه مبني على المناصرة وهي مفقودة حينئذ ، وهل يشترط اتحاد محل المنفق والمنفق عليه ، أو لا ؟ حتى لو أراد المنفق عليه سفرا ، أو كان مقيما بمحل بعيد عن المنفق لزمه إرسال كفايته له مع من يثق به لينفق عليه ؟ كل محتمل والثاني أوجه إذ هو [ ص: 346 ] الأقرب إلى عموم كلامهم ، ثم رأيت ما يأتي في منفقين استويا وغاب أحدهما وهو يؤيد ما ذكرته ، وإنما تجب ( بشرط يسار المنفق ) ؛ لأنها مواساة ونفقة الزوجة معاوضة ، ويصدق كما علم مما مر في الفلس في إعساره بيمينه ما لم يكذبه ظاهر حاله فلا بد له من بينة تشهد له به ( بفاضل عن قوته وقوت عياله ) زوجته وخادمها وأم ولده ، وعن سائر مؤنهم وخص القوت ؛ لأنه الأهم لا عن دينه لما مر في الفلس وذلك لخبر مسلم { ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك } وبعمومه يتقوى ما مر عن أبي حنيفة إلا أن يجاب بأنه يستنبط من النص معنى يخصصه ( في يومه ) وليلته التي تليه غداء ، وعشاء ولو لم يكفه الفاضل لم يجب غيره .


حاشية ابن قاسم

( فصل ) في مؤن الأقارب

( قوله : أي : الفرع الحر إلخ ) قال في التنبيه : ولا تجب نفقة الأقارب على العبد ، ولا تجب على المكاتب إلا أن يكون له ولد من أمته فتجب عليه نفقته . ا هـ . قال ابن النقيب أي : وإن أولدها أي : بغير إذن سيده ؛ لأنه تابع له إن عتق وعائد إلى سيده إن رق والنفع عائد إلى من له الملك ثم ذكر تفصيلا في ولد المكاتبة في النكاح فراجعه ( قوله : والمبعض كذلك ) أي : بالنسبة لبعضه الحر [ ص: 345 ] قوله : ولو أنثى كذلك ) أي : غير وارثة ( قوله : ومعنى وعلى الوارث مثل ذلك إلخ ) قال البيضاوي : قوله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } ما نصه : عطف على قوله { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن } وما بينهما تعليل معترض ، والمراد بالوارث وارث الأب وهو الصبي أي : ومؤنة المرضعة من ماله إذا مات الأب وقيل : الباقي من الأبوين من قوله : عليه الصلاة والسلام { واجعله الوارث منا } وكلا القولين يوافق مذهب الشافعي رضي الله عنه إذ لا نفقة عنده فيما عدا الولادة وقيل : وارث الطفل وإليه ذهب ابن أبي ليلى وقيل : وارثه المحرم منه وإليه ذهب أبو حنيفة رضي الله عنه وقيل عصبته وبه قال أبو زيد وذلك إشارة إلى ما وجب على الأب من الرزق والكسوة . ا هـ . قوله : وكلا القولين لا يخفى أن كلا القولين لا ينافي القراءة الشاذة ، وعلى الوارث المحرم مثل ذلك غاية الأمر أن الوصف بالمحرم من الوصف اللازم ذكر لنكتة فليتأمل ، وعلى ما نقله الشارح عن ابن عباس فالأمر واضح عليه فيكون التقييد بالمحرم في تلك القراءة ؛ لأنه أولى بذلك فليتأمل . ( قوله : بشرط عصمة المنفق عليه ) كذا [ ص: 346 ] م ر ( قوله : ما لم يكذبه إلخ ) كذا م ر ش .

حاشية الشرواني

( فصل في مؤن الأقارب )

( قوله : في مؤن الأقارب ) إلى قوله : : وهل يشترط ؟ في النهاية إلا قوله : وهل يلحق ؟ إلى وذلك لعموم الأدلة وكذا في المغني إلا قوله : ومن ثم إلى لقوله : ( قوله : الحر ، أو المبعض ) خرج به الرقيق فإن لم [ ص: 345 ] يكن مكاتبا فإن كان منفقا عليه فهي على سيده ، وإن كان منفقا فهو أسوأ حالا من المعسر ، والمعسر لا تجب عليه نفقة قريبه .

وأما المكاتب فإن كان منفقا عليه فلا يلزم قريبه نفقته على الأصح لبقاء أحكام الرق عليه ، وإن كان منفقا فلا تجب عليه ؛ لأنه ليس أهلا للمواساة إلا أن يكون له ولد من أمته وإن لم يجز له وطؤها ، أو من زوجته التي هي أمة سيده فيجب عليه نفقته ا هـ .

مغني ( قوله : أو المبعض ) عطف على الحر هنا وفيما بعد ا هـ .

سم ( قوله : إن وجب إعفافه ) أي : بأن احتاج إليه ا هـ .

ع ش ( قوله : لا المكاتب ) قال في التنبيه : إلا أن يكون له ولد من أمته فتجب عليه نفقته انتهى ا هـ .

سم أي : أو من زوجته التي هي أمة سيده كما مر عن المغني ( قوله : ما أكل ) عبارة المغني ، والأسنى يأكل ا هـ .

( قوله : وولده من كسبه ) تتمة الخبر كما في الأسنى ، والمغني { فكلوا من أموالهم } ا هـ .

( قوله : أو المبعض كذلك ) أي : بالنسبة لبعضه الحر سم وع ش ( قوله : ولو أنثى كذلك ) أي : غير وارثة سم و ع ش ( قوله : لقوله تعالى إلخ ) هذا دليل الأول وقوله : الآتي ، وقوله : إلخ دليل الثاني ( قوله : وجوب نفقة المحارم ) بشرط اتفاق الدين في غير الأبعاض ا هـ .

مغني ( قوله : أي في عدم المضارة ) هو خبر ومعنى إلخ رشيدي وكردي ( قوله : وقوله : إلخ ) هو بالجر ا هـ .

رشيدي أي عطفا على قوله تعالى ( قوله : عاجز كذلك ) أي : لا مال له ( قوله : لا نحو مرتد وحربي ) كذا في النهاية وكتب عليه الرشيدي ما نصه انظر ما مراده بالنحو ، ويؤخذ من فرق الشهاب ابن حجر بينهما وبين الزاني المحصن بأنه غير قادر على زوال مانعه أن تارك الصلاة كالحربي ، والمرتد فلعله مراد الشارح بالنحو ا هـ .

( قوله : نحو زان إلخ ) يشمل تارك الصلاة مع أن فرق الآتي لا يتأتى فيه لتمكنه من التوبة ا هـ .

سيد عمر عبارة ع ش ومثلهما على الراجح نحو الزاني المحصن لكن قال حج فيه : أن الأقرب وجوب الإنفاق عليه لعجزه عن عصمة نفسه بخلافهما ومقتضى ما علل به أن مثله قاطع الطريق بعد بلوغ خبره للإمام ا هـ .

( قوله : والثاني ) أي : الفرق ( قوله : وإن هلك الآخر ) أي : نحو الزاني المحصن ( قوله : وذلك ) أي : عدم المعارضة ( قوله : لمنعه ) أي : الوصف المنافي سببه أي : سبب الإنفاق الذي هو وصف القرابة ( قوله : كذلك ) أي : ينافي القرابة من كل وجه ( قوله : لمقتضى أصل إلخ ) أي : للإنفاق ( قوله : وذلك ) أي : قوله : وإن اختلف دينهما ا هـ .

ع ش ( قوله : وكالعتق إلخ ) عطف على لعموم الأدلة ( قوله : فإنه ) أي : الإرث ( قوله : حينئذ ) أي حين اختلاف الدين ( قوله : والوجه الثاني ) مبتدأ [ ص: 346 ] وخبر ( قوله : ما يأتي ) أي : في آخر الفصل ( قول المتن يسار المنفق ) من والد ، أو ولد ا هـ .

مغني ( قوله : لأنها مواساة ) إلى قوله : فعلم في النهاية ( قوله : به ) أي : الإعسار ا هـ .

ع ش ( قول المتن بفاضل عن قوته إلخ ) أي : ويؤمر بوفائه إذا أيسر بفاضل إلخ ا هـ .

مغني ( قوله : زوجته ) إلى قوله : واندفع في المغني إلا قوله : وبعمومه إلى المتن ( قوله : وأم ولده ) أي : المنفق ( قوله : وذلك ) أي الشرط المذكور ( قوله : فلأهلك ) أي لزوجتك ا هـ .

ع ش ( قوله : معنى يخصصه ) أي : كأن يقال : إنما وجبت على الأقارب لكونهم كالجزء منه وهذا خاص بالأصل ، والفرع ا هـ .

ع ش ( قوله : ولو لم يكفه إلخ ) فإن لم يفضل شيء فلا شيء عليه ا هـ .

مغني

التالي السابق


الخدمات العلمية