صفحة جزء
( وفي ) إبطال ( الكلام دية ) كما عليه أكثر أهل العلم ويأتي هنا في الامتحان وانتظار العود ما مر وفي إحداث عجلة ، أو نحو تمتمة حكومة ، وهو من اللسان كالبطش من اليد فلا تجب زيادة لقطع اللسان وكون مقطوعه قد يتكلم نادر جدا فلا يعول عليه نعم يرد على التشبيه أن في قطع اليد التي ذهب بطشها الدية بخلاف اللسان الذي ذهب كلامه وقد يفرق بأنه لا جمال في هذا حتى تجب في مقابلته بخلاف تلك فوجبت لجمالها كأذن مشلولة خلقة ( وفي بعض الحروف بقسطه ) إن بقي له كلام مفهم وإلا فالدية لزوال منفعة الكلام ( و ) الحروف [ ص: 478 ] ( الموزع عليها ثمانية وعشرون حرفا في لغة العرب ) فلكل حرف ربع سبع الدية وأسقطوا " لا " لتركبها من الألف واللام واعتبار الماوردي لها والنحاة للألف والهمزة ضعيف

أما الأول فلما ذكر وأما الثاني فلأن الألف تطلق على أعم من الهمزة والألف الساكنة وبه صرح سيبويه فاستغنوا بالهمزة عن اللينة لاندراجها فيها وتوزع في لغة غير العرب إذا كان المجني عليه منهم على حروفها قلت أو كثرت كأحد وعشرين في لغة وأحد وثلاثين في أخرى ولو تكلم بهاتين وزع على أكثرهما ( وقيل لا توزع على الشفهية ) وهي الباء والفاء والميم والواو ( والحلقية ) وهي الهمزة والهاء والعين والغين والحاء والخاء بل على اللسانية ؛ لأنها التي بها النطق ورد بمنع ذلك بل كمال النطق مركب من جميعها ففي بعض كل من تينك قسطه من الدية ولو أذهب حرفا له [ ص: 479 ] فعاد له حرف لم يكن يحسنه وجب للذاهب قسطه من الحروف التي يحسنها قبل الجناية ( ولو عجز عن بعضها خلقة ، أو بآفة سماوية ) وله كلام مفهم فجنى عليه فذهب كلامه ( فدية ) لوجود نطقه وضعفه لا يمنع كمال الدية فيه كضعف البطش والبصر ( وقيل ) فيه ( قسط ) من الدية وفارق ضعف نحو البطش بأنه لا يقدر غالبا والنطق يتقدر بالحروف ويرد بأنه حيث بقي كلام مفهم بقي مقصود الكلام فلم يحتج لذلك التقدير ( ، أو ) عجز عن بعضها ( بجناية فالمذهب لا يكمل ) فيها ( دية ) لئلا يتضاعف الغرم فيما أبطله الجاني الأول وقضيته أنه لا أثر لجناية الحربي ، وهو متجه ، وإن قال الأذرعي لا أحسبه كذلك ويتردد النظر في السيد هل يلحق بالحربي ؛ لأنه غير ضامن لقنه ، أو يفرق بأنه ملتزم وإنما منع من تغريمه مانع ، ولا كذلك الحربي كل محتمل ، والتعليل المذكور يرجح الأول ( ولوقطع نصف لسانه فذهب ربع ) أحرف ( كلامه ، أو عكس فنصف دية ) اعتبارا بأكثر الأمرين المضمون كل منهما بالدية ؛ لأنه لو انفرد لكان ذلك واجبه فدخل فيه الأقل ومن ثم اتجه دخول المساوي فيما إذا قطع النصف فذهب النصف ولو قطع بعض لسانه فذهب كلامه وجبت الدية ؛ لأنها إذا وجبت بذهابه بلا قطع فمع قطع أولى ، أو فلم يذهب شيء من كلامه وجبت الحكومة إذ لو وجب القسط لوجبت الدية الكاملة في لسان الأخرس وقيل القسط وعليه كثيرون .


حاشية ابن قاسم

( قوله أن في قطع اليد التي ذهب بطشها إلخ ) راجع إذا أذهب بطشها بجناية هل يسقط من الدية قدر أرشها [ ص: 478 ] قوله واعتبار الماوردي لها والنحاة للألف والهمزة ضعيف ) لا وجه لتضعيف كلام النحاة بما ذكر فإن إطلاق الألف على الأعم لا يمنع النص على كل بخصوصه الذي هو أبين وأظهر في بيان المراد ، ولا وجه للتوزيع على ثمانية وعشرين مع كون الهمزة والألف اللينة حقيقتين متباينتين للزوم إهدار أحدهما فالوجه التوزيع على تسعة وعشرين فتدبر اللهم إلا أن يقال الألف اللينة لا يمكن النطق بها وحدها ، ولا يكون إلا تبعا ويتولد من إشباع غيرها ، ولا تتميز حقيقتها تميزا ظاهرا عن الهواء المجرد فلم تعتبر ولم يوزع عليها فليتأمل [ ص: 479 ] قوله وفارق ضعف نحو البطش ) على هذا .

( قوله إذ لو وجب القسط لوجبت الدية الكاملة ) وجه هذه الملازمة أن وجوب القسط على هذا التقدير لذات اللسان بلا اعتبار الكلام

حاشية الشرواني

( قوله كما عليه أكثر أهل العلم ) عبارة المغني لخبر البيهقي { في اللسان الدية } إن منع الكلام وقال ابن أسلم مضت السنة بذلك ولأن اللسان عضو مضمون بالدية فكذا منفعته العظمى كاليد والرجل . ا هـ .

( قوله ويأتي هنا في الامتحان إلخ ) عبارة المغني وإنما تؤخذ الدية إذا قال أهل الخبرة لا يعود كلامه قاله في أصل الروضة أي على ما سبق من الفرق بين أن يقدروا مدة يعيش إليها ، أو لا فإن أخذت ثم عاد استردت ولو ادعى زوال نطقه امتحن بأن يروع في أوقات الخلوات وينظر هل يصدر منه ما يعرف به كذبه فإن لم يظهر شيء حلف المجني عليه كما يحلف الأخرس ووجبت الدية . ا هـ .

( قوله : وهو ) أي النطق ( قوله فلا يعود عليه ) ظاهره ، وإن تكلم على ندور لكن قضية ما يأتي في قوله ، ولو قطع بعض لسانه فلم يذهب شيء من كلامه إلخ أنه يجب حكومة إلا أن يفرق بأن في قطع بعض اللسان آلة النطق موجودة في الجملة بخلاف هذا ع ش .

( قوله ذهب كلامه ) أي وذوقه أخذا مما قدمه في قطع اللسان ( قوله في هذا ) أي اللسان وقوله بخلاف تلك أي اليد ( قوله إن بقي له ) إلى قول المتن [ ص: 478 ] أو بجناية في النهاية ( قول المتن الموزع عليها ) أي والحروف التي يوزع عليها الدية مغني ( قوله فلكل حرف ) إلى قول المتن وقيل قسطه في المغني إلا قوله ضعيف إلى وتوزع ( قوله فلكل حرف ربع سبع الدية ) ؛ لأنه إذا نسب الحرف للثمانية والعشرين حرفا كان ربع سبعها وربع سبع الدية ثلاثة أبعرة وأربعة أسباع بعير للكامل ويؤخذ لغيره بالنسبة كما في الحلبي بجيرمي ( قوله وأسقطوا لا لتركبها إلخ ) الظاهر أن الواضع لم يرد جعل لا من حيث هي حرفا ؛ لأنها مركبة وما قبلها وما بعدها من الحروف بسائط وإنما أراد الألف اللينة وأما الهمزة فهي المرادة بالألف أول الحروف ويدل على إرادته من لا الألف اللينة جعله لها بين أختيها الواو والياء وإنما لم يركب أختيها للإشارة إلى أنه يمكن النطق بمسماهما مستقلا لقبولهما للتحريك دونها وحينئذ فلا بد من اعتبارها ؛ لأنها حرف مستقل يتوقف تمام النطق عليه بل هي أكثر دورانا في الكلام من غيرها كما لا يخفى وقوله واعتبار الماوردي لها إلخ لا يخفى مما تقرر أن الماوردي لم يعتبرها من حيث تركبها وإنما اعتبر ما أريد منها ، وهو الألف اللينة وقد علمت أن اعتبارها متعين وحينئذ فاعتبار الماوردي هو عين اعتبار النحاة لا غيره كما اقتضاه صنيع الشارح ( قوله واعتبار الماوردي لها والنحاة إلخ ) أي وعلى كل منهما تكون الحروف تسعة وعشرين مغني .

( قوله أما الأول فلما ذكر ) قد علمت أن الماوردي لم يعتبر لا من حيث تركبها حتى يتوجه عليه هذا الرد وقوله وأما الثاني فلأن الألف تطلق على أعم من الهمزة والألف إلخ فيه أن المدار في الحروف التي تقسط عليها الدية إنما هي المسميات التي هي أجزاء الكلام فلا شك أن نطق اللسان بالهمزة غيره بالألف ولكل منهما مخرج مخصوص يباين الآخر وليس المدار فيها على الأسماء التي هي لفظ الألف ولفظ باء إلخ حتى يتوجه ما ذكر هكذا ظهر فليتدبر ثم رأيت الشهاب سم قرر نحو ما ذكرته آخرا ثم قال إن الوجه تقسيط الدية على تسعة وعشرين رشيدي ( قوله وأما الثاني فلأن الألف إلخ ) لا يخفى ما فيه على النبيه إذ الحقيقتان مختلفتان لاختلاف مخرجهما ثم رأيت المحشي سم قال لا وجه لتضعيف كلام النحاة فيما ذكر فإن إطلاق الألف على الأعم لا يمنع النص على كل بخصوصه الذي هو أبين وأظهر في بيان المراد ، ولا وجه للتوزيع على ثمانية وعشرين مع كون الهمزة والألف اللينة حقيقتين متباينتين للزوم إهدار أحدهما فالوجه التوزيع على تسعة وعشرين اللهم إلا أن يقال الألف اللينة لا يمكن النطق بها وحدها ، ولا تكون إلا تبعا وتتولد من إشباع غيرها ، ولا تتميز حقيقتها تميزا ظاهرا عن الهواء المجرد فلم تعتبر ، ولم توزع عليها فليتأمل . ا هـ سيد عمر وع ش ( قوله تطلق على أعم إلخ ) فيه أنها من المشترك لا العام فإن العام لفظ دال على معنى يشترك فيه أفراد يتناولها جميعا وليس الألف كذلك بل تطلق على هذا وعلى هذا ع ش ( قوله لاندراجها ) أي اللينة ( قوله ولو تكلم بهاتين ) غير العربيتين عبارة الشيخ عميرة ، ولو كان يحسن العربية وغيرها وزع على العربية ا هـ فليحمل قول الشارح هنا على ما لو كانت اللغتان غير عربيتين ع ش أقول هذا الحمل بعيد في الغاية فليراجع .

( قوله وزع على أكثرهما ) ، ولو قطع شفتيه فذهبت الميم والباء وجب أرشهما مع ديتهما في أوجه الوجهين نهاية وأسنى ومغني ويأتي في الشارح خلافه ( قول المتن على الشفهية ) نسبة للشفة على أصلها في الأصح ، وهو شفهة ولك أن تنسبها للفظ فنقول شفي ، وقيل أصل شفة شفوة ثم حذفت الواو وعليه قول المحرر الشفوية مغني ( قوله : لأنها التي إلخ ) عبارة المغني ؛ لأن الجناية على اللسان فتوزع الدية على الحروف الخارجة منه وهي ما عدا المذكورات وعلى هذا يكون الموزع عليه ثمانية عشر ؛ لأن منفعة اللسان النطق بها فيكمل الدية فيها وأجاب الأول بأن الحروف ، وإن [ ص: 479 ] كانت مختلفة المخارج الاعتماد في جميعها على اللسان وبه يستقيم النطق . ا هـ وبه علم ما في تعبير الشارح من الإيجاز المخل ( قوله فعاد له إلخ ) عبارة المغني ويضمن أرش حرف فوتته ضربة وإفادته حروفا لم يمكن من النطق بها ، ولا يجبر الفائت بما يحدث ؛ لأنه نعمة جديدة . ا هـ ( قول المتن خلقة ) أي كأرت وألثغ مغني ( قول المتن أو بآفة سماوية ) وكالآفة جناية غير مضمونة على ما اقتضاه كلام حج الآتي ع ش ( قول المتن فدية ) أي كاملة في إبطال كلام كل منهما فعلى هذا لو بطل بالجناية بعض الحروف فالتوزيع على ما يحسنه لا على جميع الحروف مغني ( قوله وضعفه لا يمنع إلخ ) استئناف بياني ( قول المتن ، أو بجناية ) إلخ ، ولو أبطل بعض ما يحسنه في المسائل الثلاث وجب قسطه مما ذكر مغني ( قوله وفارق إلخ ) أي على هذا سم وع ش ( قوله لئلا يتضاعف ) إلى قوله ويتردد النظر في المغني إلا قوله ، وهو متجه ، وإن ( قوله وقضيته ) أي التعليل ( قوله : وهو متجه ) والأوجه عدم الفرق كذا في النهاية ونقل المغني القضية المشار إليها ومقالة الأذرعي ، ولم يصرح بترجيح سيد عمر قال ع ش قوله والأوجه عدم الفرق أي بين الحربي وغيره ويؤخذ منه بالأولى أن جناية السيد على عبده كالحربي ، ولم يبين علة الأوجه وقياس نظائره من أن الجناية الغير المضمونة كالآفة اعتماد الأول أي الفرق كما هو مقتضى التعليل واعتمده حج . ا هـ .

( قول المتن ، ولو قطع نصف لسانه إلخ ) ، ولو قطع لسانا ذهب نصف كلامه مثلا لجناية على اللسان من غير قطع شيء منه فالواجب الدية ؛ لأنه قطع جميع اللسان مع بقاء المنفعة فيه مغني ( قول المتن ، أو عكس ) أي بأن قطع ربع لسانه فذهب حروف هي نصف كلامه مغني ( قول المتن فنصف دية ) يجب في المسألتين ، ولو قطع في الصورتين آخر الباقي فثلاثة أرباع الدية ؛ لأنه أبطل في الأولى ثلاثة أرباع الكلام وقطع في الثانية ثلاثة أرباع اللسان ، ولا يقتص مقطوع نصف ذهب نصف كلامه من مقطوع نصف ذهب ربع كلامه إذا قطع الثاني الباقي من لسان الأول ، وإن أجرينا القصاص في بعض اللسان لنقص الأول عن الثاني ، ولو قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه فاقتص من الجاني فلم يذهب إلا ربع كلامه فللمجني عليه ربع الدية ليتم حقه فإن اقتص منه فذهب ثلاثة أرباع كلامه لم يلزمه شيء ؛ لأن سراية القصاص مهدرة مغني وروض الأسنى ( قوله اعتبارا ) إلى قوله وقيل القسط في النهاية وكذا في المغني إلا قوله فذهب إلى فلم يذهب ( قوله بأكثر الأمرين ) أي اللسان والكلام ( قوله : لأنه إلخ ) أي الأكثر وقوله لكان ذلك أي نصف الدية ( قوله إذ لو وجب القسط لوجبت إلخ ) وجه هذه الملازمة أن وجوب القسط على هذا التقدير لذات اللسان بلا اعتبار الكلام سم ( قوله وقيل القسط إلخ ) راجع لقوله وجبت الحكومة ع ش .

التالي السابق


الخدمات العلمية