صفحة جزء
( ودفع ضرر ) المعصوم من ( المسلمين ) وأهل الذمة والأمان على القادرين ، وهم من عنده زيادة على كفاية سنة لهم ولممونهم [ ص: 221 ] كما في الروضة ، وإن قال البلقيني : لا يقوله أحد ؛ لأن الفرض في المحتاج لا في المضطر كما يعلم من قول الروضة وغيرها في الأطعمة يجب على غير مضطر إطعام مضطر حالا وإن كان المالك يحتاجه بعد ( ككسوة عار ) ما يستر عورته أو يقي بدنه من مضر كما هو ظاهر ، ( وإطعام جائع إذا لم يندفع ) ذلك الضرر ( بزكاة و ) ، سهم المصالح من ( بيت مال ) لعدم شيء فيه أو لمنع متوليه ولو ظلما ونذر وكفارة ووقف ووصية صيانة للنفوس ، ومنه يؤخذ أنه لو سئل قادر في دفع ضرر لم يجز له الامتناع وإن كان هناك قادر آخر ، وهو متجه لئلا يؤدي إلى التواكل بخلاف المفتي له الامتناع إذا كان ثم غيره ، ويفرق بأن النفوس مجبولة على محبة العلم وإفادته ، فالتواكل فيه بعيد جدا بخلاف المال ، فإن قلت : فرقوا بين هذا ونظيره في أولياء النكاح والشهود بأن اللزوم هنا فيه حرج ومشقة لكثرة الوقائع بخلافه ثم ، وهذا يفهم خلاف ما تقرر في الإطعام . قلت : الفرق صحيح ولا يفهم ذلك ؛ لأن المسائل العلمية تقتضي مزيد تفحص وتطلب ومن شأنه المشقة ، بخلاف إعطاء المحتاج لا مشقة فيه إلا بالنسبة لشح النفوس المجبول عليه أكثرها ، وذلك غير منظور إليه ، وإلا لم يوجبوا عليه شيئا أصلا ، وقضية تعبيره بالضرر أن الواجب مد الضرورة دون الزيادة التي تلزم القريب وهو كذلك ، كما اقتضاه تخريجهما ذلك على مضطر وجد ميتة .

وأما اعتراض اقتصار الروضة على ستر العورة بأن الوجه اعتبار ستر البدن بما يليق بالشتاء والصيف فيجاب عنه بأن المدار هنا على الضرورة ، وثم على المصاحبة بالمعروف ، فلم يجب هنا إلا ما يحصل بتركه تضرر يخشى منه مبيح تيمم للقاعدة المقررة : أن ما وجب للضرورة يتقدر بقدرها ، ويلحق بالطعام والكسوة ما في معناهما كأجرة طبيب وثمن أدوية وخادم منقطع ، كما هو ظاهر . ( تنبيه )

سيأتي أن المالك لا يلزمه بذل طعامه للمضطر إلا ببدله ، وحينئذ قد يشكل بما هنا فليحمل ذاك على غير غني تلزمه المواساة حتى يجامع كلامهم هذا أو يفرق بأن غرض إحياء النفوس [ ص: 222 ] ثم أوجب حمل الناس على البذل ، بأن لا يكلفوه مجانا مطلقا ، بل مع التزام العوض وإلا لامتنعوا من البدل وإن عصوا ، فيؤدي إلى أعظم المفسدتين رهنا لا فوات للنفس فلا موجب لمسامحتهم في ترك المواساة ، وهذا هو الوجه كما هو ظاهر ، فالحاصل أنه يجب البذل هنا بلا بدل لا مطلقا ، بل مما زاد على كفاية السنة ، وثم يجب البذل مما لم يحتجه حالا ولو على فقير ، لكن بالبدل ، ومما يندفع به ضرر المسلمين والذميين فك أسرائهم بتفصيله الآتي في الهدنة وعمارة نحو سور البلد ، وكفاية القائمين بحفظها فمؤنة ذلك على بيت المال ثم على القادرين المذكورين خلافا لمن حدهم بأنهم من يجدون بعدما على كل مما خصه بالتوزيع على عددهم ما يبقى معه يسارهم ولو تعذر استيعابهم خص به الوالي من شاء منهم .


حاشية ابن قاسم

( قوله : ما يستر عورته ) عبارة الروض ويستر العاري قال في شرحه : وتعبير المصنف بالعاري أولى من تعبير أصله بالعورة ؛ لأن الحكم لا يختص بها ا هـ . ( قوله : لعدم إلخ ) ثم يحتمل أن يكون حينئذ قرضا على بيت المال إن استأذن الإمام ، وبه صرح الإمام برلسي ( قوله : بخلاف المفتي إلخ ) قال في شرح الروض : قال في الروضة وينبغي أن يكون المعلم كذلك . ا هـ . ( قوله : فإن قلت فرقوا بين هذا ) أي : الإفتاء . ( قوله : وأما اعتراض اقتصار الروضة على ستر العورة إلخ ) ، وتعبير الروضة بستر العورة مثال م ر .

( قوله : وأما اعتراض اقتصار الروضة على ستر العورة إلخ ) في شرح الإرشاد ولا يتقيد الحكم بستر العورة خلافا لما توهمه عبارة الروضة إلخ . ( قوله : بأن الوجه ) كتب عليه م ر ( قوله : كأجرة طبيب وثمن أدوية وخادم منقطع كما هو ظاهر ) هل يجب ثمن ماء الطهارة ؟ فيه نظر ولعله لا يجب . ( قوله : فليحمل إلخ ) كتب عليه م ر . ( قوله : على غير غني إلخ ) أقول أو على ما إذا كان المضطر [ ص: 222 ] غنيا ، فإن الغنى لا ينافي الاضطرار إذ قد لا يتمكن من ماله الحال ، وقد يقال : الحمل على أحد هذين الأمرين أوجه من الفرق الذي ذكره ؛ لأنه إذا وجبت المواساة مجانا بلا اضطرار فمع الاضطرار أولى ، وأما الفرق المذكور فلا يقوى تلك القوة فليراجع

حاشية الشرواني

( قوله : المعصوم ) إلى قوله ومنه يؤخذ في المغني إلا قوله ما يستر إلى المتن وقوله : لعدم إلى ونذر ( قوله : على كفاية سنة إلخ ) أي وعلى وفاء ديونه وما يحتاج إليه الفقيه من الكتب والمحترف من الآلات . ا هـ . ع ش ( قوله : ولممونهم ) وينبغي أن لا يشترط في الغني أن يكون عنده مال يكفيه لنفسه ولممونه جميع السنة بل يكفي في [ ص: 221 ] وجوب المواساة أن يكون له نحو وظائف يتحصل منها ما يكفيه عادة جميع السنة ويتحصل عنده زيادة على ذلك ما يمكن المواساة به ا هـ ع ش ( قوله : كما في الروضة وإن قال البلقيني إلخ ) عبارة المغني وظاهر كلامه وجوب دفع الضرر وإن لم يبق لنفسه شيء لكن الأصح ما في زيادة الروضة عن الإمام أنه يجب على الموسر المواساة بما زاد على كفاية سنة ومقتضاه أنه لا يتوجه فرض الكفاية بمواساة المحتاج على من ليس معه زيادة على كفاية سنة وهو كذلك وإن قال البلقيني هذا لا يقوله أحد ولا ينافيه ما في الأطعمة من وجوب إطعام المضطر وإن كان يحتاجه في ثاني الحال فإن هذا في المحتاج غير المضطر وذاك في المضطر . ا هـ .

( قوله : لا يقوله ) أي أن المراد بالقادر هنا ما ذكر المقتضي عدم وجوب مواساة المحتاج على من ليس عنده زيادة على كفاية سنة له ولممونه ( قوله : ؛ لأن الفرض إلخ ) علة لكون المراد بالقادر هنا ما ذكر عن الروضة لكن في استلزامه له تأمل ( قوله : أو يقي بدنه من مضر إلخ ) وتعبير الروضة بستر العورة مثال . ا هـ . نهاية عبارة المغني ظاهر كلام المصنف أن المراد بالكسوة ستر ما يحتاج إليه البدن قال في المهمات وهو كذلك بلا شك فيختلف الحال بين الشتاء والصيف ، وتعبير الروضة بستر العورة معترض . ا هـ . ( قوله : لعدم شيء إلخ ) ثم يحتمل أن يكون حينئذ فرضا على بيت المال إذا استأذن الإمام وبه صرح الإمام برلسي ا هـ سم ( قوله : ووقف ) أي عام . ا هـ . مغني ( قوله : ومنه ) أي التعليم ( قوله بخلاف المفتي ) قال في شرح الروض قال في الروضة وينبغي أن يكون المعلم كذلك . ا هـ . سم

( قوله : غيره ) أي وهو عدل . ا هـ . مغني ( قوله : بين هذا ) أي الإفتاء . ا هـ . سم وكذا قوله : هنا ( قوله : بخلافه ثم ) أي في النظير ( قوله : وهذا ) أي الفرق المذكور ( قوله : وذلك إلخ ) أي الشح ( قوله عليه ) أي على شخص ( قوله : وهو كذلك ) خالفه النهاية والمغني فقالا وهل المراد بدفع ضرر من ذكر ما يسد الرمق أم الكفاية ؟ قولان أصحهما ثانيهما فيجب في الكسوة ما يستر كل البدن على حسب ما يليق بالحال من شتاء وصيف أي لا من كونه فقيها أو غيره ا هـ . ( قوله : ذلك ) أي دفع الضرر ( قوله : بأن الوجه إلخ ) أي قياسا على مؤنة القريب ( قوله : هنا ) أي في دفع الضرر وقوله ثم أي في نفقة القريب ( قوله ويلحق ) إلى المتن في النهاية إلا قوله وقد يفرق إلى ومما يندفع وقوله خلافا إلى ولو تعذر

( قوله : كأجرة طبيب إلخ ) هل يجب ثمن ماء الطهارة فيه نظر ولعله لا يجب . ا هـ . سم ( قوله : سيأتي ) أي في الأطعمة ( قوله : على غير غني تلزمه المواساة ) أي على مالك فقير أو غني بكفاية سنة فقط ( قوله : على غير غني إلخ ) ( أقول ) أو على ما إذا كان [ ص: 222 ] المضطر غنيا فإن الغنى لا ينافي الاضطرار إذ قد لا يتمكن من ماله في الحال وقد يقال الحمل على أحد هذين الأمرين أوجه من الفرق الذي ذكره ؛ لأنه إذا وجبت المواساة مجانا بلا اضطرار فمع الاضطرار أولى . ا هـ . سم فالحاصل أنه يجب هنا بشرط الغنى وهناك مطلقا البذل ببذل مع غنى المبذول إليه وبدونه مع فقره ( قوله : ثم ) أي في المضطر ( قوله : بأن لا يكلفوه ) متعلق بالحمل والضمير المرفوع للناس والمنصوب للبذل ( قوله : مطلقا ) أي غنيا كان الباذل أو لا

( قوله : وهنا ) أي في المحتاج ( قوله : لمسامحتهم في ترك المواساة ) متعلق بموجب يعني لترغيب الناس في المواساة ؛ لأن نفي النفي إثبات ( قوله : ومما يندفع ) إلى قوله فمؤنة ذلك في المغني .

( قوله : وكفاية القائمين بحفظها ) أي البلد ومنه يؤخذ أن ما تأخذه الجند الآن من الجوامك يستحقونه ولو زائدا على قدر الكفاية حيث احتيج إليه في إظهار شوكتهم ، ومن ذلك ما تأخذه أمراؤهم من الخيول والمماليك التي لا يتم نظامهم وشوكتهم إلا بها لقيامهم بحفظ حوادث المسلمين . ا هـ . ع ش .

( قوله : المذكورين ) أي في شرح ودفع ضرر المسلمين ( قوله : حدهم ) أي فسر القادرين ( قوله : ما يبقى إلخ ) مفعول يجدون ( قوله : استيعابهم ) أي القادرين المذكورين ( قوله : خص به ) أي بما ذكر من فك الأسرى وما بعده ويحتمل أن الضمير للتوزيع

التالي السابق


الخدمات العلمية