وقال الإمام أحمد بسنده عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو وهو جالس في ظل الكعبة فسمعته يقول : بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلا فمنا من يضرب خباءه ، ومنا من هو في جشره ، ومنا من ينتضل إذ نادى مناديه : الصلاة جامعة قال : فاجتمعنا قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا فقال : إنه لم يكن نبي قبلي إلا دل أمته على ما يعلمه خيرا لهم ويحذرهم ما يعلمه شرا لهم ، وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها ، وإن آخرها سيصيبها بلاء شديد ، وأمور تنكرونها ، تجيء فتن يرقق بعضها بعضا تجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف . ثم تجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه ، ثم تنكشف . فمن سره منكم أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه موتته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه . ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده ، وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع . فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر . قال فأدخلت رأسي من بين الناس فقلت : أنشدك بالله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فأشار بيده إلى أذنيه ، وقال : سمعته أذناي ، ووعاه قلبي قال : فقلت هذا ابن عمك - يعني معاوية - يأمرنا بأكل أموالنا بيننا بالباطل ، وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله تعالى ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [ البقرة : 188 ] قال : فجمع يديه فوضعهما على جبهته ، ثم نكس هنية ثم رفع رأسه فقال : أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله عز وجل . ورواه أحمد أيضا عن وكيع عن الأعمش به ، وقال فيه أيها الناس إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم ، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم . وذكر تمامه بنحوه ، وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من طرق عن الأعمش به ، ورواه مسلم أيضا من حديث الشعبي عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية