ابن كعب كعب: اختلف مما ذا نقل على أقوال: الأول: أنه منقول من الكعب الذي هو قطعة من السمن الجامد في الزق أو في غيره من الظروف، كما أن الكعب القطعة من الأقط حكاه الزجاجي والسهيلي في آخرين.
الثاني: أنه منقول من كعب الإنسان وهو ما شرف فوق رسغه عند قدمه. وعلى هذا فقيل: نقل منه لارتفاعه وشرفه على قومه. واختاره الزجاجي وغيره لثبوته، من قولهم ثبت ثبوت الكعب. واختاره السهيلي ، واستدل له بما جاء في خبر ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما: أنه كان يصلي عند الكعبة يوم قتل وحجارة المنجنيق تمر بأذنه، وهو لا يلتفت كأنه كعب راتب.
الثالث: أنه من كعب القناة. ذكره ابن دريد. قال في الزهر: ولعله أشبه ويترشح بقول بعضهم: سمي بذلك لارتفاعه على قومه وعلوه عليهم وشرفه فيهم.
ويكنى أبا هصيص ، وأم كعب معاوية ابنة كعب بن القين بن جسر القضاعية ، وله أخوان لأبيه وأمه ، أحدهما عامر ، والآخر سامة ، ولهم من أبيهم أخ كان يقال له عوف ، أمه الباردة ابنة عوف بن غنم بن عبد الله بن غطفان ، وانتمى ولده إلى غطفان ، وكان خرج مع أمه الباردة إلى غطفان ، فتزوجها سعد بن ذبيان ، فتبناه سعد .
ولكعب أيضا أخوان من غير أمه ، أحدهما خزيمة ، وهو عائذة قريش ، وعائذة أمه وهي ابنة الخمس بن قحافة من خثعم ، والآخر سعد ، ويقال له بنانة ، وبنانة أمه ، فأهل البادية منهم في بني أسعد بن همام في بني شيبان بن ثعلبة ، والحاضرة ينتمون إلى قريش .
وكان كعب عظيم القدر عند العرب ، فلهذا أرخوا لموته إلى عام الفيل ثم أرخوا بالفيل ، وكان يخطب الناس أيام الحج ، وخطبته مشهورة يخبر فيها بالنبي - صلى الله عليه وسلم .
وكعب بن لؤي هذا من جمع يوم العروبة، ولم تسم العروبة الجمعة إلا منذ جاء الإسلام في قول بعضهم. وقيل هو أول من سماها الجمعة. انتهى. وصحح هذا الثاني المحب ابن الهائم. وقال ابن حزم: يوم الجمعة اسم إسلامي ولم يكن في الجاهلية لأنه يجتمع فيه للصلاة أحد من الجمع. قال في الزهر: وفي تفسير عبد بن حميد بسند صحيح عن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال: جمع أهل المدينة قبل أن تنزل الجمعة وقبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين سموها الجمعة. وهو يؤيد ما ذكره ابن حزم وكان يجمع قومه في هذا اليوم ويخطبهم. قال أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رحمه الله تعالى: فيقول أما بعد فاسمعوا وعوا، وافهموا وتعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، لم تخلق عبثا فتضربوا عنا صفحا، الآخرون كالأولين، والذكر كالأنثى، والزوج والفرد إلى بلى. فصلوا أرحامكم، وأوفوا بعهودكم، واحفظوا أصهاركم، وثمروا أموالكم، فإنها قوام مروءتكم فهل رأيتم من هالك رجع، أو ميت نشر، الدار أمامكم واليقين غير ما تظنون، حرمكم زينوه وعظموه، وتمسكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم، وسيخرج منه نبي كريم، بذلك جاء موسى وعيسى صلى الله عليه وسلم، ثم يقول:
نهار وليل كل أوب بحاث سواء علينا ليلها ونهارها على غفلة يأتي النبي محمد
يخبر أخبارا صدوقا خبيرها
والله لو كنت ذا سمع وذا بصر، ويد ورجل، لتنصبت فيها تنصب الجمل، ولأرقلت فيها إرقال الفحل. ثم يقول:
يا ليتني شاهد فحواء دعوته حين العشيرة تبغي الحق خذلانا
وكان بين موته ومبعث النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وستون سنة. رواه أبو نعيم وغيره.
وهو
أول من قال: "أما بعد" في أحد الأقوال. وله من الذكور ثلاثة: مرة، وهصيص المكنى به، وعدي .