تنكلوا عن بطن مكة إنها كانت قديما لا يرام حريمها لم تخلق الشعرى ليالي حرمت
إذ لا عزيز من الأنام يرومها سائل أمير الجيش عنها ما رأى
ولسوف ينبي الجاهلين عليمها ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم
ولم يعش بعد الإياب سقيمها كانت بها عاد وجرهم قبلهم
والله من فوق العباد يقيمها
ومن صنعه يوم فيل الحوش إذ كلما بعثوه رزم
محاجنهم تحت أقرابه وقد شرموا أنفه فانخرم
وقد جعلوا سوطه مغولا إذا يمموه قفاه كلم
فولى وأدبر أدراجه وقد باء بالظلم من كان ثم
فأرسل من فوقهم حاصبا فلفهم مثل لف القزم
تحض على الصبر أحبارهم وقد ثأجوا كثؤاج الغنم
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء مصدق غداة أبي يكسوم هادي الكتائب
كتيبته بالسهل تمسي ورجله على القاذفات في رءوس المناقب
فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم جنود المليك بين ساف وحاصب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب إلى أهله ملحبش غير عصائب
على القاذفات في رءوس المناقب
ألم تعلموا ما كان في حرب داحس وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا
فلولا دفاع الله لا شيء غيره لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا
إن آيات ربنا ثاقبات لا يماري فيهن إلا الكفور
خلق الليل والنهار فكل مستبين حسابه مقدور
ثم يجلو النهار رب رحيم بمهاة شعاعها مبشور
حبس الفيل بالمغمس حتى ظل يحبو كأنه معقور
لازما حلقة الجران كما قطر من صخر كبكب محدور
حوله من ملوك كندة أبطال ملاويث في الحروب صقور
خلفوه ثم ابذعروا جميعا كلهم عظم ساقه مكسور
كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنيفة بور
فلما طغى الحجاج حين طغى به غنى قال إني مرتق في السلالم
فكان كما قال ابن نوح سأرتقي إلى جبل من خشية الماء عاصم
رمى الله في جثمانه مثل ما رمى عن القبلة البيضاء ذات المحارم
جنودا تسوق الفيل حتى أعادهم هباء وكانوا مطرخمي الطراخم
نصرت كنصر البيت إذ ساق فيله إليه عظيم المشركين الأعاجم
كاده الأشرم الذي جاء بالفيل فولى وجيشه مهزوم
واستهلت عليهم الطير بالجندل حتى كأنه مهزوم
ذاك من يغزه من الناس يرجع وهو فل من الجيوش ذميم