قال ابن إسحاق : وكانت الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة ذراعا ، وكانت تكسى القباطي ، ثم كسيت بعد البرود ، وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف .

قلت : وقد كانوا أخرجوا منها الحجر وهو ستة أذرع أو سبعة أذرع من ناحية الشام - وذلك لما قصرت بهم النفقة أي لم يتمكنوا أن يبنوه على قواعد إبراهيم ، وجعلوا للكعبة بابا واحدا من ناحية الشرق ، وجعلوه مرتفعا لئلا يدخل إليها كل أحد فيدخلوا من شاءوا ، ويمنعوا من شاءوا .

وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة ، ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة ، وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا ، وأدخلت فيها الحجر ولهذا لما تمكن ابن الزبير بناها على ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءت في غاية البهاء والحسن والسناء كاملة على قواعد الخليل لها بابان ملتصقان بالأرض شرقيا ، وغربيا يدخل الناس من هذا ، ويخرجون من الآخر فلما قتل الحجاج ابن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو الخليفة يومئذ فيما صنعه ابن الزبير ، واعتقدوا أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه فأمر بإعادتها إلى ما كانت عليه فعمدوا إلى الحائط الشامي فحصوه ، وأخرجوا منه الحجر ، ورصوا حجارته في أرض الكعبة فارتفع بابها ، وسدوا الغربي ، واستمر الشرقي على ما كان عليه فلما كان في زمن المهدي أو أبيه المنصور استشار مالكا في إعادتها على ما كان صنعه ابن الزبير فقال مالك رحمه الله : إني أكره أن يتخذها الملوك ملعبة فتركها على ما هي عليه فهي إلى الآن كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية