كان من دخل من مهاجرة الحبشة بجوار فيمن سمي لنا : عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي دخل بجوار من الوليد بن المغيرة ، وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، دخل بجوار من أبي طالب بن عبد المطلب وكان خاله .

وأم أبي سلمة : برة بنت عبد المطلب . قصة عثمان بن مظعون في رد جوار الوليد

[ تألمه لما يصيب إخوانه في الله وما حدث له في مجلس لبيد ]

قال ابن إسحاق : فأما عثمان بن مظعون فإن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حدثني عمن حدثه عن عثمان ، قال : لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء ، وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة ، قال : والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك ، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني ، لنقص كبير في نفسي فمشى إلى الوليد بن المغيرة ، فقال له : يا أبا عبد شمس ، وفت ذمتك ، قد رددت إليك جوارك فقال له : ( لم ) يا ابن أخي ؟ لعله آذاك أحد من قومي ، قال : لا ، ولكني أرضى بجوار الله ، ولا أريد أن أستجير بغيره ؟ قال : فانطلق إلى المسجد ، فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية . قال : فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد ، فقال الوليد : هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري ، قال : صدق ، قد وجدته وفيا كريم الجوار ، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله ، فقد رددت عليه جواره ؛ ثم انصرف عثمان ، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم ، فجلس معهم عثمان فقال لبيد :


ألا كل شيء ما خلا الله باطل

قال عثمان : صدقت . قال ( لبيد )

:


وكل نعيم لا محالة زائل

قال عثمان : كذبت ، نعيم الجنة لا يزول .

قال لبيد بن ربيعة : يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم ، فمتى حدث هذا فيكم ؟ فقال رجل من القوم : إن هذا سفيه في سفهاء معه ، قد فارقوا ديننا ، فلا تجدن في نفسك من قوله ، فرد عليه عثمان حتى شري أمرهما ، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان ، فقال : أما والله يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية ، لقد كنت في ذمة منيعة .

قال : يقول عثمان : بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله ، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس ، فقال له الوليد : هلم يا ابن أخي ، إن شئت فعد إلى جوارك فقال : لا . فقام سعد بن أبي وقاص إلى الذي لطم عين عثمان فكسر أنفه ، فكان أول دم أريق في الإسلام في قول .

التالي السابق


الخدمات العلمية