[ ما رواه أبو جهل عن سبب خوفه من الرسول ]

قال : وجاء الرجل الذي بعثوا معه ، فقالوا : ويحك ماذا رأيت ؟ قال : عجبا من العجب ، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه ، فخرج إليه وما معه روحه فقال له : أعط هذا حقه ، فقال : نعم ، لا تبرح حتى أخرج إليه حقه ، فدخل فخرج إليه بحقه ، فأعطاه إياه . قال : ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء ، فقالوا ( له ) ويلك ما لك ؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قط قال : ويحكم ، والله ما هو إلا أن ضرب علي بابي ، وسمعت صوته ، فملئت رعبا ، ثم خرجت إليه ، وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ، ما رأيت مثل هامته ، ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، والله لو أبيت لأكلني . [ ذل أبي جهل للرسول صلى الله عليه وسلم ]

قال ابن إسحاق : وقد كان عدو الله أبو جهل بن هشام مع عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغضه إياه ، وشدته عليه ، يذله الله له إذا رآه . وروى محمد بن عمر الأسلمي عن يزيد بن رومان ، وأبو نعيم عن أبي يزيد المدني ، وأبى فرعة الباهلي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد معه رجال من أصحابه إذ أقبل رجل من زبيد يقول : يا معشر قريش كيف تدخل عليكم المادة أو يجلب إليكم جلب أو يحل تاجر بساحتكم وأنتم تظلمون من دخل عليكم في حرمكم ؟ يقف على الحلق حلقة حلقة ، حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن ظلمك؟

فذكر أنه قد قدم بثلاثة أجمال كانت خير إبله فسامه أبو جهل ثلث أثمانها ، ثم لم يسمعه بها لأجل أبي جهل أحد شيئا ثم قال : فأكسد علي سلعتي وظلمني .

قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأين جمالك؟ قال هي هذه بالحزورة . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام أصحابه فنظر إلى الجمال فرأى جمالا فرها فساوم الزبيدي حتى ألحقه برضاه ، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فباع جملين منها بالثمن وأفضل بعيرا باعه وأعطى أرامل بني عبد المطلب ثمنه ، وأبو جهل جالس في ناحية السوق لا يتكلم ثم أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو إياك أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الأعرابي فترى مني ما تكره فجعل يقول : لا أعود يا محمد لا أعود يا محمد فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأقبل أمية بن خلف ومن حضر فقالوا : ذللت في يدي محمد فإما أن تكون تريد أن تتبعه وإما رعب دخلك منه . فقال : لا أتبعه أبدا إن الذي رأيت مني لما رأيت معه ، قد رأيت رجالا عن يمينه وشماله معهم رماح يشرعونها إلي لو خالفته لكانت إياها . أي لأتوا على نفسي .

التالي السابق


الخدمات العلمية