[ سراقة وركوبه في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ]

قال ابن إسحاق : وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه . عن أبيه ، عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم ، قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة ، جعلت قريش فيه مئة ناقة لمن رده عليهم . قال : فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا ، حتى وقف علينا ، فقال : والله لقد رأيت ركبه ثلاثة مروا علي آنفا ، إني لأراهم محمدا وأصحابه ، قال : فأومأت إليه بعيني : أن اسكت ، ثم قلت : إنما هم بنو فلان ، يبتغون ضالة لهم ، قال : لعله ، ثم سكت . قال : ثم مكثت قليلا ، ثم قمت فدخلت بيتي ، ثم أمرت بفرسي ، فقيد لي إلى بطن الوادي ، وأمرت بسلاحي ، فأخرج لي من دبر حجرتي ، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ، ثم انطلقت ، فلبست لأمتي ، ثم أخرجت قداحي ، فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره لا يضره . قال : وكنت أرجو أن أرده على قريش ، فآخذ المئة الناقة . قال : فركبت على أثره ، فبينما فرسي يشتد بي عثر بي ، فسقطت عنه . قال : فقلت : ما هذا ؟ قال : ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره لا يضره . قال : فأبيت إلا أن أتبعه . قال : فركبت في أثره ، فبينا فرسي يشتد بي ، عثر بي ، فسقطت عنه . قال : فقلت : ما هذا ؟ ، قال : ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره ، قال : فأبيت إلا أن أتبعه ، فركبت في أثره . فلما بدا لي القوم ورأيتهم ، عثر بي فرسي ، فذهبت يداه في الأرض ، وسقطت عنه ، ثم انتزع يديه من الأرض ، وتبعهما دخان كالإعصار . قال : فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني ، وأنه ظاهر . قال : فناديت القوم : فقلت : أنا سراقة بن جعشم : انظروني أكلمكم ، فوالله لا أريبكم ، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : قل له : وما تبتغي منا ؟ قال : فقال ذلك أبو بكر ، قال : قلت : تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك . قال : اكتب له يا أبا بكر . [ إسلام سراقة ]

( قال ) : فكتب لي كتابا في عظم ، أو في رقعة ، أو في خزفة ، ثم ألقاه إلي ، فأخذته ، فجعلته في كنانتي ، ثم رجعت ، فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرغ من حنين والطائف ، خرجت ومعي الكتاب لألقاه ، فلقيته بالجعرانة . قال : فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار .

قال : فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون : إليك ( إليك ) ، ماذا تريد ؟ قال : فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته ، والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة . قال : فرفعت يدي بالكتاب ، ثم قلت : يا رسول الله ، هذا كتابك ( لي ) ، أنا سراقة بن جعشم ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم وفاء وبر ، ادنه . قال : فدنوت منه ، فأسلمت . ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره ، إلا أني قلت : يا رسول الله ، الضالة من الإبل تغشى حياضي ، وقد ملأتها لإبلي ، هل لي من أجر في أن أسقيها ؟ قال : نعم ، في كل ذات كبد حرى أجر قال : ثم رجعت إلى قومي ، فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية