غزوة العشيرة . وبالمهملة والعشير وبالمهملة والعشيراء وبالمهملة . ويقال ذات العشيرة والعشير ، وهو موضع ببطن ينبع ، وهو منزل الحاج المصري .

وقد خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ابن سعد في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره .

وقال ابن إسحاق وابن حزم وغيرهما : في جمادى الأولى ، وحمل لواءه -وكان أبيض- حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد ، وخرج في مائة وخمسين ، ويقال في مائتين ، ممن انتدب ، ولم يكره أحدا على الخروج .

وخرجوا في ثلاثين بعيرا يعتقبونها ، يعترض عيرا لقريش ، وكان قد جاءه الخبر بفصول العير من مكة تريد الشام ، وقد جمعت قريش أموالها في تلك العير قال ابن إسحاق : فسلك على نقب بني دينار ، ثم على فيفاء الخبار ، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر ، يقال لها : ذات الساق ، فصلى عندها . فثم مسجده صلى الله عليه وسلم ، وصنع له عندها طعام ، فأكل منه ، وأكل الناس معه ، فموضع أثافي البرمة معلوم هنالك ، واستقي له من ماء به ، يقال له : المشترب ، ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك الخلائق بيسار ، وسلك شعبة يقال لها : شعبة عبد الله ، وذلك اسمها اليوم ، ثم صب لليسار حتى هبط يليل ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة ، واستقى من بئر بالضبوعة ، ثم سلك الفرش : فرش ملل ، حتى لقي الطريق بصحيرات اليمام ، ثم اعتدل به الطريق ، حتى نزل العشيرة من بطن ينبع . فوجد العير قد مضت قبل ذلك بأيام ، وهي العير التي خرج إليها حين رجعت من الشام ، وكان سببها وقعة بدر الكبرى .

قال أبو عمرو : أخذ صلى الله عليه وسلم على طريق ملل إلى العشيرة ، فأقام هناك بقية جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة ، ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا .

[ تكنية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بأبي تراب ]

وفي تلك الغزوة قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام ما قال .

قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن محمد بن خيثم أبي يزيد ، عن عمار بن ياسر ، قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة ؛ فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها ؛ رأينا أناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم وفي نخل ؛ فقال لي علي بن أبي طالب : يا أبا اليقظان ، هل لك في أن تأتي هؤلاء القوم ، فننظر كيف يعملون ؟ قال : قلت : إن شئت ؛ قال : فجئناهم ، فنظرنا إلى عملهم ساعة ، ثم غشينا النوم . فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في صور من النخل ، وفي دقعاء من التراب فنمنا ، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله . وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها ، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب : ما لك يا أبا تراب ؟

لما يرى عليه من التراب ، ثم قال : ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين ؟

قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى يبل منها هذه . وأخذ بلحيته
قال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض أهل العلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمى عليا أبا تراب ، أنه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلمها ، ولم يقل لها شيئا تكرهه ، إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه . قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عليه التراب عرف أنه عاتب على فاطمة ، فيقول : ما لك يا أبا تراب

فالله أعلم أي ذلك كان .

التالي السابق


الخدمات العلمية