[ شأن المرأة الدينارية ]

قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الواحد بن أبي عون ، عن إسماعيل بن محمد ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد ، فلما نعوا لها ، قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيرا يا أم فلان ، هو بحمد الله كما تحبين ، قالت : أرونيه حتى أنظر إليه ؟ قال : فأشير لها إليه ، حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل تريد صغيرة قال ابن هشام : الجلل : يكون من القليل ، ومن الكثير ، وهو هاهنا من القليل . قال امرؤ القيس في الجلل القليل :


لقتل بني أسد ربهم ألا كل شيء سواه جلل



قال ابن هشام : وأما قول الشاعر ، وهو الحارث بن وعلة الجرمي


ولئن عفوت لأعفون جللا     ولئن سطوت لأوهنن عظمي



( فهو من الكثير ) . أم سعد بن معاذ رضي الله عنهما تطمئن على النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت أم سعد بن معاذ ، وهي كبشة بنت رافع تعدو نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد وقف على فرسه ، وسعد بن معاذ آخذ بعنان فرسه ، فقال سعد : يا رسول الله ! أمي ! ، فقال : «مرحبا بها » ، فدنت حتى تأملت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت : أما إذ رأيتك سالما فقد أشوت المصيبة ، فعزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرو بن معاذ ابنها ، ثم قال : «يا أم سعد ، أبشري وبشري أهليهم : أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعا ، وقد شفعوا في أهليهم » قالت : رضينا يا رسول الله ، ومن يبكي عليهم بعد هذا ؟ ثم قالت : يا رسول الله ادع لمن خلفوا فقال : «اللهم أذهب حزن قلوبهم ، واجبر مصيبتهم ، وأحسن الخلف على من خلفوا »

التالي السابق


الخدمات العلمية