[ مقتل عمرو بن الجموح ]

قال ابن إسحاق : وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن أشياخ من بني سلمة : أن عمرو بن الجموح كان رجلا أعرج شديد العرج ، وكان له بنون أربعة مثل الأسد ، يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد ، فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه ، وقالوا له : إن الله عز وجل : قد عذرك ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه ، والخروج معك فيه . فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك ، وقال لبنيه : ما عليكم أن لا تمنعوه ، لعل الله أن يرزقه الشهادة فخرج معه فقتل يوم أحد وروى الإمام أحمد عن قتادة بن الحارث بن ربعي الأنصاري قال : أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل ، أمشي برجلي هذه صحيحة في الجنة - وكانت رجله عرجاء - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعم » ، فقتلوه يوم أحد وهو وابن أخيه ومولى لهم ، فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة » ، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلوا في قبر واحد . انتهى . واستشهد ابنه خلاد بن عمرو ، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر فحملتهم هند بنت عمرو بن حرام زوجة عمرو بن الجموح على بعير لها تريد بهم المدينة ، فلقتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما - وقد خرجت في نسوة تستروح الخبر ، ولم يضرب الحجاب يومئذ ، فقالت لها : هل عندك خبر ؟ ما وراءك ؟ قالت : أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فصالح وكل مصيبة بعده جلل . واتخذ الله من المؤمنين شهداء ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا [الأحزاب 25 ] قالت عائشة : من هؤلاء ؟ قالت : أخي وابني خلاد ، وزوجي عمرو بن الجموح . قالت : وأين تذهبين بهم ؟ قالت : إلى المدينة أقبرهم فيها ، ثم قالت : حل حل ، تزجر بعيرها ، فبرك ، فقالت لها عائشة : لما عليه ؟ قالت : ما ذاك به لربما حمل ما يحمل بعيران ، ولكن أراه لغير ذلك ، وزجرته فقام وبرك ، فوجهته راجعة إلى أحد ، فأسرع فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك ، فقال : إن الجمل مأمور ، هل قال عمرو شيئا ؟ قالت : إن عمرا لما توجه إلى أحد قال : اللهم لا تردني إلى أهلي خائبا وارزقني الشهادة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فلذلك الجمل لا يمضي ، إن منكم - معشر الأنصار - من لو أقسم على الله لأبره . منهم عمرو بن الجموح ، ولقد رأيته [يطأ ] بعرجته في الجنة ، يا هند ، ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة ينتظرون أين يدفن » ، ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبرهم ، ثم قال : «يا هند ، قد ترافقوا في الجنة » قالت : يا رسول الله ، ادع الله عسى أن يجعلني معهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية