[ مقتل مصعب بن عمير ]

قال ابن إسحاق : وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل ، وكان الذي قتله ابن قمئة الليثي ، وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرجع إلى قريش فقال : قتلت محمدا . فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب ، وقاتل علي بن أبي طالب ورجال من المسلمين . وذكر موسى بن عقبة في " مغازيه " ، عن سعيد بن المسيب أن الذي قتل مصعبا هو أبي بن خلف . فالله أعلم . وروى ابن سعد ، عن محمد بن شرحبيل العبدري قال :

حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى ، فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [آل عمران 144 ] الآية ، ثم قطعت يده اليسرى فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول : وما محمد إلا رسول الآية ثم قتل فسقط اللواء ، قال محمد بن شرحبيل : وما نزلت هذه الآية : وما محمد إلا رسول يومئذ حتى نزلت بعد . عن خباب بن الأرت قال : هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله ، فوجب أجرنا على الله ، فمنا من مضى - أو ذهب - لم يأكل من أجره شيئا ; كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد لم يترك إلا نمرة ، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطي بها رجلاه خرج رأسه ، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم : غطوا بها رأسه ، واجعلوا على رجله الإذخر . ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها عن خباب بن الأرت رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه فوقف عليه ، فدعا له ثم قرأ : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [الأحزاب 23 ] الآية . ثم قال : لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرق حلة ولا أحسن لمة منك .

وروى البخاري : أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام وكان صائما فقال : قتل مصعب بن عمير ، وهو خير من كفن في برده ، إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي رجلاه بدا رأسه . [ حزن حمنة على زوجها ]

قال ابن إسحاق : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة ، فلقيته حمنة بنت جحش ، كما ذكر لي ، فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد الله بن جحش ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير ، فصاحت وولولت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها ، وصياحها على زوجها .

التالي السابق


الخدمات العلمية