وروى محمد بن عمر عن شيوخه قالوا : قال عبد الله بن عمرو بن حرام - بالراء - رأيت في النوم قبل أحد مبشر بن عبد المنذر يقول لي : أنت قادم علينا في أيام ، فقلت : وأين أنت ؟ قال : في الجنة ، أسرح فيها كيف أشاء ، قلت : ألم تقتل يوم بدر ؟ قال : بلى ، ثم أحييت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : «هذه الشهادة يا أبا جابر » . وعن ابن المنكدر ، سمعت جابرا قال : لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه ، فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهونني ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تبكه - أو ما تبكيه - ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع عن جابر بن عبد الله قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى المشركين ليقاتلهم ، وقال لي أبي عبد الله : يا جابر ، لا عليك أن تكون في نظاري أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا ، فإني والله لولا أني أترك بنات لي بعدي ، لأحببت أن تقتل بين يدي . قال : فبينا أنا في النظارين ، إذ جاءت عمتي بأبي وخالي ، عادلتهما على ناضح ، فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا ، إذ لحق رجل ينادي : ألا إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى ، فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت . فرجعنا بهما ، فدفناهما حيث قتلا ، فبينا أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجل فقال : يا جابر بن عبد الله ، والله لقد أثار أباك عمال معاوية فبدا ، فخرج طائفة منه . فأتيته فوجدته على النحو الذي دفنته ، لم يتغير إلا ما لم يدع القتل ، أو القتيل قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما لي أراك مهتما ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، قتل أبي ، وترك دينا وعيالا . فقال : ألا أخبرك ؟ ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب ، وإنه كلم أباك كفاحا ، وقال له : يا عبدي ، سلني أعطك . فقال : أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيا . فقال : إنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون . قال : يا رب ، فأبلغ من ورائي . فأنزل الله : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون الآية . [ آل عمران : 169 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية