[ دفن الشهداء ]

قال ابن إسحاق : وكان قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة ، فدفنوهم بها ، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقال : ادفنوهم حيث صرعوا .

قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري ، حليف بني زهرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على القتلى يوم أحد ، قال : أنا شهيد على هؤلاء ، إنه ما من جريح يجرح في الله ، إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه ، اللون لون دم والريح ريح مسك ، انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن ، فاجعلوه أمام أصحابه في القبر - وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر الواحد

قال : وحدثني عمي موسى بن يسار ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجرحه يدمى ، اللون لون دم ، والريح ريح مسك

أن جابر بن عبد الله أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ، ثم يقول : أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟ فإذا أشير إلى أحد قدمه في اللحد وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة . وأمر بدفنهم بدمائهم ، ولم يصل عليهم ، ولم يغسلوا . دفن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام في قبر واحد قال ابن إسحاق : وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن أشياخ من بني سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يومئذ ، حين أمر بدفن القتلى : انظروا إلى عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو بن حرام ، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا ، فاجعلوهما في قبر واحد [ دفن عبد الله بن جحش مع حمزة ]

قال : فزعم لي آل عبد الله بن جحش - وكان لأميمة بنت عبد المطلب حمزة خاله ، وقد كان مثل به كما مثل بحمزة ، إلا أنه لم يبقر عن كبده - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره ، ولم أسمع ذلك إلا عن أهله وذكر الواقدي أن معاوية لما أراد أن يجري العين ، نادى مناديه : من كان له قتيل بأحد فليشهد . قال جابر : فحفرنا عنهم ، فوجدت أبي في قبره كأنما هو نائم على هيئته ، ووجدت جاره في قبره عمرو بن الجموح ، ويده على جرحه فأزيلت عنه ، فانبعث جرحه دما . ويقال : إنه فاح من قبورهم مثل ريح المسك ، رضي الله عنهم أجمعين ، وذلك بعد ست وأربعين سنة من يوم دفنوا . قال الواقدي : كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم كل حول ، فإذا تفوه الشعب يقول : السلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار . ثم كان أبو بكر يفعل ذلك كل حول ، ثم عمر ثم عثمان ، وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيهم ، فتبكي عندهم وتدعو لهم ، وكان سعد يسلم ، ثم يقبل على أصحابه فيقول : ألا تسلمون على قوم يردون عليكم . ثم حكى زيارتهم ، عن أبي سعيد ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر وأم سلمة رضي الله عنهم .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم ، حدثني الحكم بن نافع ، حدثنا العطاف بن خالد ، حدثتني خالتي قالت : ركبت يوما إلى قبور الشهداء - وكانت لا تزال تأتيهم - فنزلت عند حمزة فصليت ما شاء الله أن أصلي ، وما في الوادي داع ولا مجيب ، إلا غلاما قائما آخذا برأس دابتي ، فلما فرغت من صلاتي قلت هكذا بيدي : السلام عليكم . قالت : فسمعت رد السلام علي يخرج من تحت الأرض ، أعرفه كما أعرف أن الله عز وجل خلقني وكما أعرف الليل والنهار فاقشعرت كل شعرة مني .

التالي السابق


الخدمات العلمية