قال ابن إسحاق وغيره : «فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد [بن شهيد] ، وأسلمت بعد ذلك ، وكانت قد نذرت حين قتل ابنيها مسافع والجلاس ابني طلحة بن أبي طلحة العبدري ، وكان عاصم قتلهما يوم أحد ، لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن الخمر في قحفه ، وجعلت لمن جاء به مائة ناقة ، فمنعته الدبر . وفي حديث أبي هريرة في الصحيح : «وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر» ، قال الحافظ : «لعله عقبة بن أبي معيط؛ فإن عاصما قتله صبرا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد أن انصرفوا من بدر ، وكأن قريشا لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدبر لها من أخذ رأس عاصم ، فأرسلت من يأخذه أو عرفوا بذلك ورجوا أن تكون الدبر تركته فيتمكنوا من أخذه» . انتهى .

فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر يطير في وجوههم ويلدغهم ، فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا منه على شيء . انتهى . فلما حالت بينهم وبينه ، قالوا : دعوه حتى يمسي ، فتذهب عنه فنأخذه ، فبعث الله تبارك وتعالى الوادي فاحتمله فذهب به . وكان عاصم رضي الله تعالى عنه قد أعطى الله عهدا ألا يمس مشركا ولا يمسه مشرك ، فبر الله عز وجل قسمه ، فلم يروه ولا وصلوا منه إلى شيء .

وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول حين بلغه خبره : «يحفظ الله تبارك وتعالى العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته» .

التالي السابق


الخدمات العلمية