روى البخاري من طريق هشام بن عروة قال : أخبرني أبي قال : «لما قتل الذين قتلوا ببئر معونة وأسر عمرو بن أمية ، قال عامر بن الطفيل لعمرو : من هذا ؟ وأشار إلى قتيل ، فقال : هذا عامر بن فهيرة! فقال : لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء ، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ، ثم وضع» .

وروى محمد بن عمر عن أبي الأسود عن عروة أن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية :

هل تعرف أصحابك ؟ قال : نعم ، قال : فطاف في القتلى وجعل يسأله عن أنسابهم . فقال : هل تفقد منهم أحدا ؟ قال : أفقد مولى لأبي بكر يقال له عامر بن فهيرة ، فقال : كيف كان فيكم ؟

قال : قلت : كان من أفضلنا ، ومن أول أصحاب نبينا ، فقال : ألا أخبرك خبره ؟ وأشار إلى رجل ، فقال : هذا طعنه برمحه ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علوا في السماء حتى ما أراه . وكان الذي طعنه رجل من بني كلاب يقال له جبار بن سلمى ، وأسلم بعد ذلك . وذكر أبو عمر في الاستيعاب .

في ترجمة عامر بن فهيرة أن عامر بن الطفيل قتله ، مع ذكره في ترجمة جبار أنه هو الذي قتل ابن فهيرة ، والله أعلم .

وروى البيهقي عنه أنه قال لما طعنته : فزت ورب الكعبة ، قلت في قلبي : ما معنى قوله :

«فزت» ، أليس قد قتلته ؟ قال : فأتيت الضحاك بن سفيان الكلابي ، فأخبرته بما كان وسألته عن قوله : فزت ، فقال : بالجنة . فقلت : ففاز لعمر الله . قال : وعرض علي الإسلام فأسلمت ودعاني إلى الإسلام ما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة من رفعه إلى السماء علوا . وكتب الضحاك بن سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بإسلامي وما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

«إن الملائكة وارت جثته وأنزل عليين»

قال البيهقي رحمه الله تعالى : يحتمل أنه رفع ثم وضع ثم فقد بعد ذلك ، ليجتمع مع رواية البخاري السابقة عن عروة ، فإن فيها : ثم وضع ، فقد رويناه في مغازي موسى بن عقبة في هذه القصة . قال فقال عروة : لم يوجد جسد عامر ، يروون أن الملائكة وارته . ثم رواه البيهقي عن عائشة موصولا بلفظ : (لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ) ولم يذكر فيها ثم وضع . قال الشيخ رحمه الله تعالى : فقويت الطرق وتعددت لمواراته في السماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية