[ موقف الرسول من أبي لبابة ]

قال ابن إسحاق : فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبره ، وكان قد استبطأه ، قال : أما إنه لو جاءني لاستغفرت له ، فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه .

قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط : أن توبة أبى لبابة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السحر ، وهو في بيت أم سلمة . ( فقالت أم سلمة ) : فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السحر وهو يضحك . قالت : فقلت : مم تضحك يا رسول الله ؟ أضحك الله سنك ؛ قال : تيب على أبي لبابة ، قالت : قلت : أفلا أبشره يا رسول الله ؟ قال : بلى ، إن شئت قال : فقامت على باب حجرتها ، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ، فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك . قالت : فثار الناس إليه ليطلقوه فقال : لا والله حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يطلقني بيده ؛ فلما مر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه . ما نزل في التوبة على أبي لبابة يوم قريظة قال أبو لبابة : فكنت في أمر عظيم ، في حر شديد عدة ليال لا آكل فيهن ولا أشرب ، وقلت : لا أزال هكذا حتى أفارق الدنيا ، أو يتوب الله علي . وأذكر رؤيا رأيتها في النوم ونحن محاصرون بني قريظة . كأني في حمأة آسنة ، فلم أخرج منها حتى كدت أموت من ريحها ، ثم أرى نهرا جاريا فأراني اغتسلت فيه حتى استنقيت وأراني أجد ريحا طيبة فاستعبرتها أبا بكر فقال : لتدخلن في أمر تغتم له ، ثم يفرج عندئذ ، فكنت أذكر قول أبي بكر وأنا مرتبط ، فأرجو أن ينزل الله تعالى - توبتي . قال : فلم أزل كذلك حتى ما أسمع الصوت من الجهد - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلي .

قال ابن هشام : أقام مرتبطا ست ليال تأتيه امرأته كل صلاة فتحله حتى يتوضأ ويصلي ثم يرتبط .

وعن عبد الله بن أبي بكر أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ربوض والربوض الثقيلة - بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه فما يكاد يسمع ، ويكاد يذهب بصره . وكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة أو أراد أن يذهب لحاجته فإذا فرغ أعادت الرباط . والظاهر أن زوجته كانت تباشر حله مرة وابنته مرة .

وأنزل الله تعالى - في توبة أبي لبابة وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم [التوبة 102] قال ابن إسحاق : حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط : إن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم من السحر وهو في بيت أم سلمة ،

قالت أم سلمة : فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك ، قالت : فقلت : يا رسول الله مم تضحك ؟ أضحك الله سنك ، قال : «تيب على أبي لبابة » قالت : فقلت أفلا أبشره يا رسول الله ؟ قال : بلى إن شئت»

قال :

فقامت على باب حجرتها - وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب - فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك قالت : فسار الناس إليه ليطلقوه ، فقال : لا والله حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يطلقني بيده . فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه .
قال السهيلي

وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن علي بن الحسين - رضوان الله عليهم أجمعين - قال : إن فاطمة - رضي الله عنها . جاءت تحله فقال إني حلفت ألا يحلني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : «إن فاطمة بضعة مني»

قال أبو لبابة : يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله . قال : «يجزئك الثلث يا أبا لبابة»

التالي السابق


الخدمات العلمية