[ مقتل بني قريظة ]

قال ابن إسحاق : ثم استنزلوا ، فحبسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة في دار بنت الحارث ، امرأة من بني النجار ، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه و?لم - إلى سوق المدينة ، التي هي سوقها اليوم ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم ، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق ، يخرج بهم إليه أرسالا ، وفيهم عدو الله حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد ، رأس القوم ، وهم ست مئة أو سبع مئة ، والمكثر لهم يقول : كانوا بين الثمان مئة والتسع مئة .

وقد قالوا لكعب بن أسد ، وهم يذهب بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسالا : يا كعب ، ما تراه يصنع بنا ؟ قال : أفي كل موطن لا تعقلون ؟ ألا ترون الداعي لا ينزع ، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع ؟ هو والله القتل فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبي ذراريهم

فلما حكم سعد ، بما حكم ، وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخميس لتسع ليال كما ذكر محمد بن عمر وابن سعد ، وجزم به الدمياطي ، وقيل لخمس - كما جزم به في الإشارة - خلون من ذي الحجة ، وأمر بهم فأدخلوا المدينة ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسبي فسيقوا إلى دار أسامة بن زيد ، والنساء والذرية إلى دار رملة بنت الحارث ، ويقال حبسوا جميعا في دار رملة ، وأمر لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحمال تمر فنثرت لهم ، فباتوا يكدمونها كدم الحمر ، وأمر بالسلاح والأثاث والمتاع والثياب فحمل إلى دار ابنة الحارث وبالإبل والغنم ترعى هناك في الشجر ، فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدا إلى السوق ، فأمر بأخدود فخدت في السوق ما بين موضع دار أبي الجهم العدوي إلى أحجار الزيت ، فكان أصحابه هناك يحفرون ، وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه علية أصحابه ودعا برجال بني قريظة ، فكانوا يخرجون أرسالا ، تضرب أعناقهم في تلك الخنادق ، فقالوا لكعب بن أسد - وهم يذهب بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسالا : يا كعب ، ما ترى محمدا يصنع بنا ؟ قال : ما يسوءكم ، ويلكم! على كل حال لا تعقلون!! ألا ترون الداعي لا ينزع ، وأنه من ذهب منكم لا يرجع ؟ هو والله السيف ، قد دعوتكم إلى غير هذا فأبيتم علي قالوا : ليس هذا بحين عتاب ، لولا أنا كرهنا أن نزرى برأيك ما دخلنا في نقض العهد الذي كان بيننا وبين محمد ، قال حيي بن أخطب : اتركوا ما ترون من التلاوم ، فإنه لا يرد عنكم شيئا ، واصبروا للسيف .

الذين يلون قتلهم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام

وكان الذين يلون قتلهم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام .

الأوس كرهت قتل بني قريظة لمكان حلفهم

وجاء سعد بن عبادة والحباب بن المنذر ، فقالا : يا رسول الله ، إن الأوس قد كرهت قتل بني قريظة لمكان حلفهم ، فقال سعد بن معاذ : ما كرهه من الأوس أحد فيه خير ، فمن كرهه فلا أرضاه الله . فقام أسيد بن الحضير - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله : لا تبقين دارا من دور الأوس إلا فرقتهم فيها ، فمن سخط فلا يرغم الله إلا أنفه ، فابعث إلى داري أول دورهم ، ففرقهم في دور الأوس فقتلوهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية