[ سؤاله النجاشي في قتل عمرو الضمري ورده عليه ]

فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه . وقيل بعثه بكتاب كتبه ، يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان فدخل عليه ثم خرج من عنده . قال : فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية الضمري ، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه ، فضربت عنقه ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد .

قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال : مرحبا بصديقي ، أهديت إلي من بلادك شيئا ؟ قال : قلت : نعم ، أيها الملك ، قد أهديت إليك أدما كثيرا ؛ قال : ثم قربته إليه ، فأعجبه واشتهاه ثم قلت له : أيها الملك ، إني قد رأيت رجلا خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا ؛ قال : فغضب ، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ؛ ثم قلت له : أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه ؛ قال : فاستحيا وقال : يا عمرو ، تسألني أن أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ، والذي كان يأتي عيسى لتقتله ؟! قال عمرو : فغير الله قلبي عما كنت عليه ، وقلت في نفسي : عرف هذا الحق العرب والعجم وتخالف أنت ؟! ثم قلت : أتشهد أيها الملك بهذا ؟ قال : نعم ، أشهد به عند الله يا عمرو ، فأطعني واتبعه ، فوالله إنه لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده . قلت : أتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم . فبسط يده فبايعني على الإسلام ، ثم دعا بطست ، فغسل عني الدم وكساني ثيابا ، وكانت ثيابي قد امتلأت بالدم فألقيتها ، ثم خرجت على أصحابي ، فلما رأوا كسوة النجاشي سروا بذلك وقالوا : هل أدركت من صاحبك ما أردت ؟ فقلت لهم : كرهت أن أكلمه في أول مرة ، وقلت : أعود إليه . فقالوا : الرأي ما رأيت .

التالي السابق


الخدمات العلمية