ذكر مسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحديبية من غير طريق خالد بن الوليد وما وقع في ذلك من الآيات

روى البزار بسند رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مختصرا ، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا : لما أمسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «تيامنوا في هذا العصل وفي رواية اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحمض ، فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة» كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلقاه وكان بهم رحيما ، فقال : «تيامنوا فأيكم يعرف «ثنية ذات الحنظل» ؟ فقال بريدة بن الحصيب : بحاء مضمومة فصاد مفتوحة مهملتين فتحتية فموحدة مهملتين فتحتية - الأسلمي : أنا يا رسول الله عالم بها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

«اسلك أمامنا»

فأخذ بريدة في العصل - قبل جبال سراوع قبل المغرب ، فو الله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش ، فانطلق يركض نذيرا لقريش ، فسلك بريدة بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب ، وسار قليلا تنكبه الحجارة وتعلقه الشجر ، وصار حتى كأنه لم يعرفهما قط . قال : فو الله إني كنت أسلكها في الجمعة مرارا ، فنزل حمزة بن عمرو الأسلمي ، فسار بهم قليلا ، ثم سقط في خمر الشجر فلا يدرى أين يتوجه ، فنزل عمرو بن عبدنهم الأسلمي فانطلق أمامهم

حتى نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الثنية ، فقال : هذه ثنية ذات الحنظل ؟ »

فقال عمرو :

نعم يا رسول الله ، فلما وقف به على رأسها تحدر به ، قال عمرو : فو الله إن كان لتهمني نفسي وحدها إنما كانت مثل الشراك فاتسعت لي حين برزت ، فكانت فجاجا لاجبة ولقد كان الناس تلك الليلة يسيرون جميعا معطفين من سعتها يتحدثون ، وأضاءت تلك الليلة حتى كأنا في قمر .

قال أبو سعيد : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان سرنا من آخر الليل حتى أقبلنا على «عقبة ذات الحنظل» قال جابر : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من يصعد ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل ، فكان أول من صعد خيل من الخزرج ، ثم تبادر الناس بعد .

وقال أبو سعيد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مثل هذه الثنية الليلة كمثل الباب الذي قال الله تعالى لبني إسرائيل
وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم )
[البقرة 58]

وقال ابن إسحاق : إن المسلمين لما إن خرجوا من الأرض الصعبة وأفضوا إلى أرض سهلة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «قولوا نستغفر الله ونتوب إليه» . فقالوا ذلك ، فقال : «والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها» قال أبو سعيد : ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يجوز هذه الثنية الليلة أحد إلا غفر له» فلما هبطنا نزلنا فقلت يا رسول الله نخشى أن ترى قريش نيراننا ، فقال : لن يروكم ، فلما أصبحنا صلى بنا صلاة الصبح ، ثم قال : «والذي نفسي بيده لقد غفر للركب أجمعين إلا رويكبا واحدا على جمل أحمر التقت عليه رحال القوم ليس منهم ،

وقال جابر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر» .

قال أبو سعيد : فطلب في العسكر فإذا هو عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، والرجل من بني ضمرة من أهل سيف البحر يظن أنه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل لسعيد : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال : كذا وكذا ، فقال له سعيد : ويحك!! اذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم يستغفر لك .

وقال جابر : فقلنا له : تعال يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم . وقال أبو سعيد : فقال بعيري والله أهم من أن يستغفر لي ، إذا هو قد أضل بعيرا له ، فانطلق يطلب بعيره بعد أن استبرأ العسكر وطلبه فيهم ، فبينا هو في جبال سراوع إذ زلقت به نعله فتردى فمات ، فما علم به حتى أكلته السباع ،


قال أبو سعيد :

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ : «سيأتيكم أهل اليمن كأنهم قطع السحاب . هم خير أهل الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية