عمر ينكر على الرسول الصلح

فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ، وثب عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ألست نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قال : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال : علام نعطي الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إني عبد الله ورسوله ولست أعصيه ولن يضيعني وهو ناصري» قال : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف حقا ؟ قال : «بلى ، أفأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قال : لا : قال : «فإنك آتيه ومطوف به» ،

فذهب عمر إلى أبي بكر متغيظا ولم يصبر ، فقال : يا أبا بكر : أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قال : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟

أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه ، وهو ناصره فاستمسك بغرزه حتى تموت ، فو الله إنه لعلى الحق . وفي لفظ فإنه رسول الله . فقال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله ، قال : أو ليس كان يحدثنا أنه سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قال : لا . قال : فإنك آتيه ومطوف به . فلقي عمر من هذه الشروط أمرا عظيما . وقال كما في الصحيح : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ ، وجعل يرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلام فقال أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - : ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما يقول ، تعوذ بالله من الشيطان واتهم رأيك ، قال عمر :

فجعلت أتعوذ بالله من الشيطان حياء فما أصابني شيء قط مثل ذلك اليوم وعملت بذلك أعمالا - أي صالحة - لتكفر عني ما مضى من التوقف في امتثال الأمر ابتداء كما عند ابن إسحاق وابن عمر الأسلمي . قال عمر : فما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرا .

وروى البزار عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيي ، وما ألوت على الحق ، قال : فرضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبيت حتى قال : «يا عمر تراني رضيت وتأبى» .

التالي السابق


الخدمات العلمية