فطره - صلى الله عليه وسلم - وأمره به

روى مسلم ، والترمذي عن جابر ، والشيخان ، وأبو داود ، والنسائي ، والطحاوي عن ابن عباس - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في غزوة الفتح في رمضان يصوم ويصومون ، حتى بلغ الكديد بين عسفان وقديد ، وفي رواية بين عسفان وأمج ، وفي حديث جابر : كراع الغميم ، بلغه أن الناس شق عليهم الصيام ، وقيل له : إنما ينظرون فيما فعلت ، فلما استوى على راحلته بعد العصر دعا بإناء من لبن ، أو ماء ، وجزم جابر بأنه ماء . وكذا ابن عباس ، وفي رواية : فوضعه على راحلته ليراه الناس ، فشرب فأفطر ، فناوله رجلا إلى جنبه فشرب فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس صام ، فقال : «أولئك العصاة ، أولئك العصاة” فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر .

وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن صيام ، فنزلنا منزلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنكم قد دنوتم من عدوكم ، والفطر أقوى لكم” وكانت رخصة ، فمنا من صام ، ومنا من أفطر ، ثم نزلنا منزلا آخر ، فقال :

«إنكم مصبحو عدوكم ، والفطر أقوى لكم ، فأفطروا” فكانت عزيمة ، فأفطرنا
. ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - أفطر بالكديد ، وفي رواية بغيره كما سبق في القصة ، والكل في سفرة واحدة ، فيجوز أن يكون فطره - صلى الله عليه وسلم - في أحد هذه المواضع حقيقة إما كديد ، وإما كراع الغميم ، وإما عسفان ، وإما قديد ، وأضيف إلى الآخر تجوزا لقربه منه ، ويجوز أن يكون قد وقع منه - صلى الله عليه وسلم - الفعل في المواضع الأربعة ، والفطر في موضع منها ، لكن لم يره جميع الناس فيه ، لكثرتهم ، وكرره ليتساوى الناس في رؤية الفعل ، فأخبر كل عن رؤية عين وأخبر كل عن محل رؤيته .

التالي السابق


الخدمات العلمية