قوله - صلى الله عليه وسلم - لا هجرة بعد الفتح

وذلك أن مكة شرفها الله تعالى كانت قبل الفتح دار حرب ، وكانت الهجرة منها واجبة إلى المدينة ، فلما فتحت مكة صارت دار إسلام ، فانقطعت الهجرة منها .

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح فتح مكة : «لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا” رواه الشيخان .

وعن عطاء بن أبي رباح - رحمه الله تعالى - قال : زرت عائشة - رضي الله عنها - مع عبيد بن عمير الليثي ، وهي مجاورة بثبير فسألها عن الهجرة فقالت : «لا هجرة اليوم ، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله ورسوله مخافة أن يفتن عنه ، فأما اليوم فقد أظهر الله تعالى الإسلام ، فالمؤمن يعبد ربه حيث كان ، ولكن جهاد ونية” . رواه الشيخان .

وعن يعلى بن صفوان بن أمية - رضي الله عنهما - قال : جئت بأبي يوم الفتح ، فقلت : يا رسول الله بايع أبي على الهجرة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بل أبايعه على الجهاد ، فقد انقضت الهجرة” . رواه الإمام أحمد والنسائي .

وروى ابن أبي أسامة عن مجاهد - مرسلا . قال : جاء يعلى بن صفوان بن أمية - رضي الله عنهما - بعد الفتح فقال : يا رسول الله - اجعل لأبي نصيبا في الهجرة ، فقال : «لا هجرة بعد اليوم” فأتى العباس فقال : يا أبا الفضل ، ألست قد عرفت بلائي ؟ قال : بلى ، وماذا ؟ قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي ليبايعه على الهجرة فأبى ، فقام العباس معه في قيظ ما عليه رداء ، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاك يعلى بأبيه لتبايعه على الهجرة فلم تفعل ، فقال : إنه لا هجرة اليوم” قال : أقسمت عليك يا رسول الله لتبايعه ، فمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فبايعه فقال : «قد أبررت عمي ولا هجرة” . وقال الإمام أحمد : ثنا عفان ، ثنا وهيب ، ثنا ابن طاوس ، عن أبيه ، عن صفوان بن أمية أنه قيل له : إنه لا يدخل الجنة إلا من هاجر . فقلت له : لا أدخل منزلي حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله . فأتيته فذكرت له فقال : لا هجرة بعد فتح مكة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا تفرد به أحمد .

وقال البخاري : ثنا محمد بن أبي بكر ، ثنا الفضيل بن سليمان ، ثنا عاصم ، عن أبي عثمان النهدي ، عن مجاشع بن مسعود قال : انطلقت بأبي معبد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه على الهجرة ، فقال : مضت الهجرة لأهلها ، أبايعه على الإسلام والجهاد فلقيت أبا معبد فسألته ، فقال : صدق مجاشع . وقال خالد ، عن أبي عثمان عن مجاشع ، أنه جاء بأخيه مجالد .

وقال البخاري : ثنا عمرو بن خالد ، ثنا زهير ، ثنا عاصم ، عن أبي عثمان قال : حدثني مجاشع قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخي بعد يوم الفتح فقلت : يا رسول الله ، جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة ، قال : " ذهب أهل الهجرة بما فيها " فقلت : على أي شيء تبايعه ؟ قال : " أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد فلقيت أبا معبد بعد ، وكان أكبرهما سنا ، فسألته ، فقال : صدق مجاشع .

التالي السابق


الخدمات العلمية