وفود طيئ مع زيد الخيل إليه صلى الله عليه وسلم

روى ابن سعد عن أبي عمير الطائي ، وكان يتيم الزهري وعن عبادة الطائي عن أشياخهم قالوا : قدم وفد طيئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر رجلا ، رأسهم وسيدهم زيد الخير ، وهو زيد الخيل بن مهلهل من بني نبهان ، وفيهم وزر بن جابر بن سدوس ، وقبيصة بن الأسود بن عامر من جرم طيئ ، ومالك بن عبد الله بن خيبري من بني معن ، وقعين بن خليف من جديلة ، ورجل من بني بولان فدخلوا المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد ثم دخلوا فدنوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم وأجازهم بخمس أواق فضة كل رجل منهم وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ونشا ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما ذكر رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلا ما كان من زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه» .

وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير ، وقطع له فيد وأرضين وكتب له بذلك كتابا ورجع مع قومه ، وفي لفظ : فخرج به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى قومه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن ينج زيد من حمى المدينة فإنه» ،
قال بعض الشراح إن جواب إن ينج محذوف والتقدير فإنه لا يعاب . قال : في زاد المعاد ، وفي العيون ، لما أحس بالموت أنشد يقول :


أمرتحل قومي المشارق غدوة وأترك في بيت بفردة منجد     ألا رب يوم لو مرضت لعادني
عوائد من لم يبر منهن بجهد

فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له فردة- وفي لفظ فرد- أصابته الحمى بها فمات هناك وعمدت امرأته بجهلها وقلة عقلها إلى ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب له به فحرقته بالنار .

وذكر ابن دريد عن أبي محسن أن زيدا أقام بفردة ثلاثة أيام ومات ، فأقام عليه قبيصة بن الأسود المناحة سنة ، ثم وجه براحلته ورحله وفيها كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رأت امرأته الراحلة ليس عليها زيد ضرمتها بالنار فاحترقت واحترق الكتاب .

وروى الشيخان عن أبي سعيد [الخدري] رضي الله تعالى عنه أن عليا كرم الله وجهه «بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر : بين عيينة بن بدر ، وأقرع بن حابس وزيد الخيل وعلقمة بن غيلان » .

وروى شاهين وابن عدي ، وقال منكر ، وابن عساكر واللفظ لهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل راكب فأناخ فقال : يا رسول الله إني أتيتك من مسيرة تسع أنضيت راحلتي وأسهرت ليلي وأظمأت نهاري لأسألك عن خصلتين أسهرتاني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما اسمك ؟ » فقال : أنا زيد الخيل . قال : «بل أنت زيد الخير ، فسل ، فرب معضلة قد سئل عنها» . فقال : أسألك عن علامة الله فيمن يريد وعن علامته فيمن لا يريد . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «كيف أصبحت ؟ » فقال : أصبحت أحب الخير وأهله ومن يعمل به وإن عملت به أيقنت بثوابه ، وإن فاتني منه شيء حننت إليه . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «هذه علامة الله فيمن يريد وعلامته فيمن لا يريد ، ولو أرادك بالأهدى هيأ لك لها ثم لا تبالي من أي واد هلكت» وفي لفظ «سلكت» .

وروى أبو نعيم في الحلية عنه أن رجلا قال : يا رسول الله أسألك عن علامة الله فيمن يريد ، وعلامته فيمن لا يريد .

وروى ابن سعد عن أشياخ من طيئ قالوا : قدم عمرو بن المسبح بن كعب بن طريف بن عصر الطائي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ ابن مائة وخمسين سنة فسأله عن الصيد فقال له : «كل ما أصميت ودع ما أنميت» ، وكان من أرمى العرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية