إحرامه- صلى الله عليه وسلم- :

«فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الصبح أخذ في الإحرام ، فاغتسل غسلا ثانيا ، غير الغسل الأول ، وغسل رأسه بخطمي وأشنان ، قلت : ودهن رأسه بشيء من زيت غير كثير» ، رواه الإمام أحمد ، والبزار ، والطبراني ، والدارقطني عن عائشة .

ولم يذكر ابن حزم أنه اغتسل غير الغسل الأول للجنابة ، وقد ترك بعض الناس ذكره ، فإما أن يكون تركه عمدا ؛ لأنه لم يثبت عنده ، وإما أن يكون تركه سهوا منه ، وقد قال زيد بن ثابت : إنه رأى ( النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل ) ، قال الترمذي : حديث حسن غريب . وعن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدهن بالزيت- وهو محرم- غير المقتت» ، رواه الترمذي ، وابن ماجه .

في حديث أبي أيوب عند الشيخين : أنه- صلى الله عليه وسلم- في غسله حزك رأسه بيديه جميعا فأقبل بهما وأدبر ، والله تعالى أعلم ، وطيبته بذريرة وطيب فيه مسك ، قلت : وبالغالية الجيدة كما رواه الدارقطني والبيهقي والله أعلم في بدنه ورأسه حتى كان وبيص المسك يرى من مفارقه ، ولحيته الشريفة- صلى الله عليه وسلم- ثم استدامه ، ولم يغسله ، قلت : وروى الإمام أحمد ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد أيام وهو محرم ، ورواه الحميدي في مسنده بلفظ : بعد ثالثة ، وهو محرم والله تعالى أعلم .

فهذه الأحاديث دالة على أنه ، عليه الصلاة والسلام ، تطيب بعد الغسل ، إذ لو كان الطيب قبل الغسل لذهب به الغسل ، ولما بقي له أثر ، ولا سيما بعد ثلاثة أيام من يوم الإحرام ، وقد ذهب طائفة من السلف ، منهم ابن عمر إلى كراهة التطيب عند الإحرام . ثم لبس إزاره ورداءه ، قلت : «ولم ينه عن شيء من الأردية إلا المزعفرة ، التي تردع على الجلد» رواه البخاري ، وأبو يعلى ، عن ابن عباس والله تعالى أعلم .

وسأله- صلى الله عليه وسلم- رجل : «ما يلبس المحرم من الثياب ؟ » فقال- صلى الله عليه وسلم- : «لا تلبسوا القميص ، ولا العمائم ، ولا السراويلات ، ولا البرانس ، ولا الخفاف ، إلا أن تكون نعالا ، فإن لم تكن نعالا فخفين دون الكعبين» ، وفي رواية : «فليحرم أحدكم في إزار ، ونعلين» .

فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليجعلهما أسفل الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ، ولا الورس ، إلا أن يكون غسيلا ، ولا تنتقب المحرمة ، ولا تلبس القفازين» ، رواه الإمام أحمد ، والشيخان ، عن ابن عمر ، والله تعالى أعلم .

وولدت أسماء بنت عميس- زوجة أبي بكر- بذي الحليفة محمد بن أبي بكر . فأرسلت أبا بكر إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تقول : كيف أصنع ؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «اغتسلي واستثفري بثوب ، وأهلي» ، وفي رواية : «وأحرمي» ، رواه مسلم في حديث جابر الطويل .

وزاد النسائي ، وابن ماجه ، عن أبي بكر : وتصنع ما يصنع الناس إلا أنها لا تطوف بالبيت .

كان في قصتها ثلاث سنن ، إحداها : غسل المحرم ، والثانية : أن الحائض تغتسل لإحرامها ، والثالثة : أن الإحرام يصح من الحائض . ثم إنه- صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين ، قال في الاطلاع : صلى ركعتي الإحرام ، وهما الركعتان اللتان كان يودع بهما المنزل .

قال ابن القيم : «ولم ينقل عنه أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى للإحرام ركعتين» قلت : روى الشيخان ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يركع بذي الحليفة ركعتين ، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل» .

قال النووي في «شرح مسلم» فيه استحباب صلاة ركعتين عند إرادة الإحرام ، ويصليهما قبل الإحرام إلى آخره . والله تعالى أعلم .

ثم ركب راحلته القصواء ، قلت : «واستقبل القبلة قائما ، ثم لبى» رواه البخاري ، عن ابن عمر والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية