ذكر مسيره- صلى الله عليه وسلم- :

من قال إهلاله ومروره بالروحاء ، ثم الأثاية قلت : قال ابن سعد : ومضى- صلى الله عليه وسلم- يسير المنازل ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له ، قد بناها الناس وعرفوا مواضعها . والله تعالى أعلم .

ثم سار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . وهو يلبي تلبيته المذكورة ، فلما كان بالروحاء رأى حمارا وحشيا عقيرا ، قال : «دعوه يوشك أن يأتي صاحبه» ، فجاء صاحبه إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قلت : هو رجل من بهز ، واسمه . الله تعالى أعلم ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «شأنكم بهذا الحمار» ، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر فقسمه بين الرفاق ، وفي هذا دليل على جواز أكل المحرم من صيد الحلال إذا لم يصده لأجله ، وأما كون صاحبه لم يحرم ، فلعله لم يمر بذي الحليفة ، فهو كأبي قتادة في قصته . وتدل هذه القصة على أن الهبة لا تفتقر إلى لفظ : وهبت لك ، بل تصح بما يدل عليها ، وتدل على قسمته اللحم مع عظامه بالتحري ، وتدل على أن الصيد يملك بالإثبات ، وإزالة امتناعه ، وأنه لمن أثبته لا لمن أخذه ، وعلى حل أكل لحم الحمار الوحشي ، وعلى التوكيل في القسمة ، وعلى كون القاسم واحدا . ثم مضى حتى إذا كان بالأثاية بين الرويثة والعرج ، إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم ، فأمر رجلا أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس ، حتى يجاوزوا .

والفرق بين قصة الظبي وقصة الحمار أن الذي صاد الحمار كان حلالا ، فلم يمنع من أكله ، وهذا لم يعلم أنه حلال وهم محرمون ، فلم يأذن لهم في أكله ، ووكل من يقف عنده ، لئلا يأخذه أحد حتى يجاوزوه .

وفيه دليل على أن قتل المحرم للصيد يجعله بمنزلة الميتة في عدم الحل ، إذ لو كان حلالا لم تضع ماليته .

التالي السابق


الخدمات العلمية