لبسه صلى الله عليه وسلم ثيابه وتطيبه بعد رميه جمرة العقبة )

قال ابن سعد : وأصاب الطيب بعد أن حلق ، ولبس القميص ، وحل الناس ، روى النسائي من حديث سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ، ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت . وقال سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني ، عن ابن عباس ، أنه قال : إذا رميتم الجمرة ، فقد حللتم من كل شيء كان عليكم حراما إلا النساء ، حتى تطوفوا بالبيت . فقال رجل : والطيب يا أبا العباس ؟ فقال له : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك ، أفطيب هو أم لا ؟!

وقال محمد بن إسحاق : حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه وأمه زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة قالت : كانت الليلة التي يدور فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النحر ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ، فدخل وهب بن زمعة ، ورجل من آل أبي أمية متقمصين ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضتما ؟ " قالا : لا . قال : " فانزعا قميصيكما " . فنزعاهما . فقال له وهب : ولم يا رسول الله ؟ فقال : " هذا يوم أرخص لكم فيه ، إذا رميتم الجمرة ونحرتم هديا ، إن كان لكم ، فقد أحللتم من كل شيء حرمتم منه إلا النساء حتى تطوفوا بالبيت ، فإذا أمسيتم ولم تفيضوا صرتم حرما كما كنتم أول مرة حتى تطوفوا بالبيت " . وهناك سئل عمن حلق قبل أن يرمي وعمن ذبح قبل أن يرمي ، فقال : " لا حرج " قال عبد الله بن عمرو : ما رأيته - صلى الله عليه وسلم - سئل يومئذ عن شيء إلا قال : " افعلوا ولا حرج ".

قال ابن عباس : إنه قيل له - صلى الله عليه وسلم - في الذبح ، والحلق ، والرمي ، والتقديم ، والتأخير ، فقال : " لا حرج " .

وقال أسامة بن شريك : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجا ، وكان الناس يأتونه فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف ، أو قدمت شيئا ، أو أخرت شيئا ، فكان يقول : " لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم ، فذلك الذي حرج وهلك " .

وقوله : سعيت قبل أن أطوف في هذا الحديث ليس بمحفوظ .

والمحفوظ : تقديم الرمي ، والنحر ، والحلق بعضها على بعض . وبعث عبد الله بن حذافة السهمي ، وقيل : كعب بن مالك ينادي في الناس ، بمنى : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «إنها أيام أكل وشرب وذكر الله» .

قلت : ونادى مناديه بمنى أنها أيام أكل وشرب وباءة ذكره ابن سعد . فانتهى المسلمون عن صيامهم إلا محصورا بالحج أو متمتعا بالعمرة إلى الحج ، فإن الرخصة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يصوموا أيام منى ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية