ثم سار- صلى الله عليه وسلم- راجعا إلى المدينة فلما كان بالروحاء لقي ركبا فسلم عليهم فقال : «من القوم ؟ » فقالوا المسلمون فمن القوم ؟ فقال : «رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» فرفعت امرأة صبيا لها من محفة فقالت : يا رسول الله : ألهذا حج ؟ قال : نعم . ولك أجر ؟ . فلما أتى ذا الحليفة بات بها حتى أصبح ، وصلى في بطن الوادي . قلت : ورأى وهو معرس بذي الحليفة ببطن الوادي قيل له إنك ببطحاء مباركة .

فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آئبون تائبون ، عابدون ساجدون ، لربنا حامدون ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده» .

وكان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزوة فأوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا وقال : «لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك وله الحمد (يحيي ويميت ) ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، آئبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده» .

«اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد ، اللهم بلغنا بك بلاغا صالحا يبلغ إلى الخير بمغفرة منك ورضوان»
.

ولما نزل المعرس نهى أن يطرقوا النساء ليلا ، فطرق رجلان أهليهما فكلاهما وجد ما يكره ، وأناخ بالبطحاء ، وكان إذا خرج إلى الحج سلك على الشجرة ، وإذا رجع من مكة دخل المدينة من معرس الأبطح وكان في معرسه في بطن الوادي ، وكان فيه عامة الليل . فائدة عزيزة : فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصحب معه من ماء زمزم شيئا .

قال الحافظ أبو عيسى الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا خلاد بن يزيد الجعفي ، ثنا زهير بن معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها كانت تحمل من ماء زمزم ، وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله . ثم قال : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية