ابتداء مرضه- صلى الله عليه وسلم- وسؤال أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- أن يمرضه في بيته

قال ابن إسحاق : لما قفل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من حجة الوداع أقام بالمدينة ذا الحجة ، والمحرم ، وصفرا . وضرب على الناس بعث أميره أسامة بن زيد- رضي الله تعالى عنه- فبينا الناس على ذلك ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكوه الذي قبضه الله فيه ، إلى ما أراد به من كرامته ورحمته ، في ليال بقين من صفر ، أو في أول شهر ربيع صبيحة ليلة خروجه البقيع ليلا مع أبي مويهبة ، فلما أصبح ابتدأ بمرضه من يومه ذلك .

وروى ابن سعد عن محمد بن عمر عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده- رضي الله تعالى عنه- والبيهقي عن محمد بن قيس قالا : أول ما بدأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شكواه يوم الأربعاء فكان شكوه إلى أن قبض- صلى الله عليه وسلم- ثلاثة عشر يوما . ومشى على ذلك أبو عمرو وغيره .

وقال سليمان التيمي : يوم السبت ومشى عليه الخطابي وقال الإمام الليث بن سعد : يوم الاثنين في صفر سنة إحدى عشرة ليلة إحدى وعشرين رواه يعقوب بن سفيان قال أبو عمر : لليلتين بقيتا منه .

وروى محمد بن قيس لإحدى عشرة ليلة بقيت منه .

وقال عمر بن علي : لليلة بقيت منه قال أبو الفرج بن الجوزي : ابتدأ به صداع في بيت عائشة ، ثم اشتد أمره في بيت ميمونة وقيل : في بيت زينب بنت جحش .

وقيل : في بيت ريحانة .

قال الحافظ : وكونه في بيت ميمونة هو المعتمد ، لأنه الذي رواه الشيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- .

وروى البلاذري عنها أنه- صلى الله عليه وسلم- أقام في بيت ميمونة سبعة أيام .

وروى ابن إسحاق والإمام أحمد عنها قالت : رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من البقيع فدخل علي وهو يصدع وأنا أشتكي رأسي فقلت : وا رأساه فقال : «والله بل أنا والله وا رأساه» .

وفي رواية قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا مر ببابي يلقي إلي الكلمة ينفع الله بها فمر ذات يوم فلم يقل شيئا مرتين ، أو ثلاثا فقلت : يا جارية دعي لي وسادة على الباب : فجلست عليها على طريقه وعصبت رأسي فمر بي وقال : «ما شأنك» ؟ فقلت : أشتكي رأسي ! فقال : «بل أنا وا رأساه» ! ثم مضى فلم يلبث إلا يسيرا حتى جيء به محمولا في كساء فدخل علي وقال : «وما عليك لو مت قبلي ، فوليت أمرك وصليت عليك ودفنتك» فقلت : والله إني لأحسب أن لو كان ذلك ، لقد خلوت ببعض نسائك في بيتي في آخر النهار فأعرست بها فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم تمادى به وجعه وهو يدور على نسائه ثم استعز به وهو في بيت ميمونة» .

وروى البخاري نحوه .

وروى أبو يعلى والإمام أحمد - برجال ثقات- عنها قالت : ما مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على بابي قط إلا قد قال كلمة تقر بها عيني قالت : فمر يوما فلم يكلمني ومر من الغد فلم يكلمني قالت : ومر من الغد فلم يكلمني ، قلت : قد وجد علي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في شيء :

قالت فعصبت رأسي وصفرت وجهي ، وألقيت وسادة قبالة باب الدار فاجتنحت عليها ، قالت : فمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنظر إلي فقال : «ما لك يا عائشة» ؟ قالت : قلت يا رسول الله اشتكيت وصدعت قال : «تقولين : وارأساه ، بل أنا وارأساه» قالت فما لبث إلا قليلا حتى أتيت به يحمل في كساء قالت : فمرضته ولم أمرض مريضا قط .
الحديث . ثم طلب أبا بكر أن يمرضه صلى الله عليه وآله وسلم .

[أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، أخبرنا ابن النقور ، أخبرنا المخلص ، أخبرنا أبو بكر بن يوسف ، حدثنا السري ، عن يحيى ، حدثنا شعيب بن إبراهيم التيمي ، حدثنا سيف بن عمر ، عن مبشر بن الفضل] عن سالم ، عن أبيه ، قال: جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال: يا رسول الله ائذن لي فأمرضك وأكون الذي أقوم عليك ، فقال: "يا أبا بكر إني إن لم أحتمل أزواجي وبناتي وأهل بيتي علاجي ازدادت مصيبتي عليهم عظما ، وقد وقع أجرك على الله تعالى" .

التالي السابق


الخدمات العلمية