اشتداد الوجع عليه- زاده الله فضلا وشرفا-

روى ابن حبان وابن سعد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : جعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشتكي ويتقلب على فراشه فقلت له : لو فعل هذا بغضنا قال : «إن الأنبياء يشدد عليهم» .

وروى الإمام أحمد والشيخان وابن سعد عن عبد الله بن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : دخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمسسته بيدي فقلت : يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا قال : «أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم» قلت : ذاك بأن لك أجرين ؟ قال : «نعم ، والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه من خطاياه كما تحط الشجرة ورقها»- .

وروى ابن سعد والشيخان والبلاذري عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

وروى الإمام أحمد وابن سعد والبخاري في «الأدب» وابن أبي الدنيا وابن ماجه وأبو يعلى والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري- رضي الله تعالى عنه- فإذا عليه صالب من الحمى ما تكاد تقر يد أحدنا عليه من شدة الحمى .

وفي رواية «دخلنا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليه قطيفة فوضعت يدي عليه فوق القطيفة فوجدت حرارتها فوق القطيفة فجعلنا نسبح فقال : «ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء ، كما يشدد علينا البلاء يضاعف لنا الأجر ، إن كان النبي من الأنبياء ليسلط عليه القمل حتى يقتله وإن كان النبي من الأنبياء ليعرى ما يجد شيئا يواري عورته إلا العباءة يدرعها ، وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما يفرحون بالرخاء» .

وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد بإسناد صحيح والنسائي والحاكم وابن الجوزي عن أبي عبيدة عن عمته فاطمة بنت اليمان أخت حذيفة قالت : أتينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في نساء نعوده فإذا سقاء معلق نحوه يقطر ماؤه عليه من شدة ما يجد من حر الحمى فقلنا : يا رسول الله لو دعوت الله يكشف عنك فقال : رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم» .

وروى الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقالت له عائشة لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه ! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن الصالحين يشدد عليهم وإنه لا يصيب المؤمن نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت بها عنه خطيئة ورفع بها درجة» .

وروى ابن سعد عنها قالت : مرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مرضا اشتد منه ضجره أو وجعه فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقلت : يا رسول الله إنك لتجزع أو تضجر ، لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن المؤمنين يشدد عليهم ، لأنه لا يصيب المؤمن نكبة من شوكة فما فوقها ولا وجع إلا رفع الله تعالى له بها درجة وحط عنه بها خطيئة» .

وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن أسامة بن يزيد- رضي الله تعالى عنه- قال : لما ثقل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجعه هبط وهبط الناس معه إلى المدينة ، فدخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقد أصمت فلم يتكلم ، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها علي ، أعرف أنه يدعو لي .

وروى النسائي والبيهقي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : أغمي على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في حجرتي ، فجعلت أمسح له وجهه وأدعو له بالشفاء ، فقال : «بل أسأل الله الرفيق الأعلى لأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل» .

وروى الإمام أحمد في «الزهد» وابن سعد عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال دخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك فوضعت يدي فوق ثوبه ، فوجدت حرها من فوق الثوب ، فقلت : يا رسول الله ما وجدت أحدا تأخذه الحمى أشد من أخذها إياك قال : «كذلك يضاعف لنا الأجر إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون» .

وروى ابن أبي شيبة والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان بين يديه ركوة ، أو عليه فيها ماء ، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ثم يقول : اللهم أعني على سكرات الموت»- وفي لفظ : «لا إله إلا الله إن للموت سكرات» ثم نصب يده فجعل يقول : «في الرفيق الأعلى» .

وروى البلاذري عنها قالت : لا أغبط أحدا يخفف عليه الموت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

التالي السابق


الخدمات العلمية