من كان آخر الناس عهدا به في قبره- صلى الله عليه وسلم-

قال ابن إسحاق : فحدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن مقسم أبي القاسم ، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن مولاه عبد الله بن الحارث ، قال : اعتمرت مع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في زمان عمر أو زمان عثمان ، فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب ، فلما فرغ من عمرته رجع فسكب له غسل ، فاغتسل ، فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق ، فقالوا : يا أبا حسن ، جئنا نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه ؟ قال : أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : أجل ، عن ذلك جئنا نسألك ؛ قال : كذب ؛ قال : أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس وروى أيضا ابن سعد برجال ثقات عن أبي عسيب أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما وضع في لحده ، قال المغيرة بن شعبة : إنه قد بقي من قبل رجليه شيء لم تصلحوه ، قالوا : فادخل فأصلحه ، فدخل فمسح قدميه- صلى الله عليه وسلم- ثم قال : أهيلوا علي التراب! فأهالوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف ساقيه ، فخرج فجعل يقول : أنا أحدثكم عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم - .

وروى البيهقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : لما وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في لحده ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال علي : إنما ألقيته لتنزل فنزل فأعطاه إياه أو أمر رجلا فأعطاه .

وروى ابن أبي شيبة وأحمد بن منيع عن المغيرة بن شعبة قال لأنا آخر الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- حضرنا ولحدنا ، فلما حضروا ودفنوا ألقيت الفأس في القبر ، فقلت : الفأس الفأس ، فأخذته ومسحت بيدي على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وروي أيضا بإسناد قوي عن ابن أبي مرحب قال : نزل في قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- أربعة :

أحدهم عبد الرحمن بن عوف ، وكان المغيرة بن شعبة يدعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويقول : أخذت خاتمي ، فألقيته ، وقلت : خاتمي سقط من يدي لأمس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأكون آخر الناس عهدا به .
قال الحاكم : أصح الأقاويل أن آخر الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قثم بن العباس . قال ابن كثير : وقول من قال : إن المغيرة بن شعبة كان آخرهم عهدا ليس بصحيح؛ لأنه لم يحضر دفنه فضلا عن أن يكون آخرهم عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قلت : في كونه لم يحضر دفنه نظر لما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية