خروج طائفة من الخوارج عليه

وكان سبب ذلك أن معاوية لما دخل الكوفة وخرج الحسن وأهله منها قاصدين إلى الحجاز ، قالت فرقة من الخوارج نحو من خمسمائة : جاء ما لا يشك فيه ، فسيروا إلى معاوية فجاهدوه . فساروا حتى قربوا من الكوفة وعليهم فروة بن نوفل ، حتى حلوا بالنخيلة عند الكوفة ، وكان الحسن بن علي قد سار يريد المدينة ، فكتب إليه معاوية يدعوه إلى قتال فروة ، فلحقه رسوله بالقادسية أو قريبا منها ، فلم يرجع وكتب إلى معاوية : لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك ، فإني تركتك لصلاح الأمة وحقن دمائها .

فأرسل إليهم معاوية جمعا من أهل الشام ، فقاتلوهم ، فانهزم أهل الشام ، فقال معاوية لأهل الكوفة : والله لا أمان لكم عندي حتى تكفوهم . فخرج أهل الكوفة فقاتلوهم . فقالت لهم الخوارج : أليس معاوية عدونا وعدوكم ؟ دعونا حتى نقاتله ، فإن أصبنا كنا قد كفيناكم عدوكم ، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا . فقالوا : لا بد لنا من قتالكم . فأخذت أشجع صاحبهم فروة فحادثوه ووعظوه فلم يرجع ، فأخذوه قهرا وأدخلوه الكوفة ، فاستعمل الخوارج عليهم عبد الله بن أبي الحوساء ، رجلا من طيئ ، فقاتلهم أهل الكوفة فقتلوهم في ربيع الأول ، ( وقيل : في ربيع الآخر ) وقتل ابن أبي الحوساء ، وكان ابن أبي الحوساء حين ولي أمر الخوارج قد خوف من السلطان أن يصلبه ، فقال :


ما إن أبالي إذا أرواحنا قبضت ماذا فعلتم بأوصال وأبشار     تجري المجرة والنسران عن قدر
والشمس والقمر الساري بمقدار     وقد علمت ، وخير القول أنفعه
أن السعيد الذي ينجو من النار

التالي السابق


الخدمات العلمية