حج هشام بن عبد الملك

وفي سنة ست ومائة: حج بالناس هشام بن عبد الملك ، وكتب إلى أبي الزناد قبل أن يدخل المدينة : اكتب إلي بسنن الحج ، فكتبها له وتلقاه ، فلما صلى هشام في الحجر كلمه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فقال له: أسألك بالله وبحرمة هذا البيت والبلد الذي خرجت معظما لحقه إلا رددت علي ظلامتي ، قال: وأي ظلامة؟ قال: داري ، قال:

فأين كنت عن عبد الملك؟ قال: ظلمني والله ، قال: فعن الوليد؟ قال: ظلمني والله ، قال: فعن سليمان؟ قال: ظلمني والله ، قال: فعن عمر؟ قال: يرحمه الله ردها والله علي ، قال: فعن يزيد؟ قال: ظلمني والله ، هو قبضها من بعد قبضي لها ، وهي في يديك ، قال: والله لو كان فيك ضرب لضربت ، فقال: في والله ضرب بالسيف والسوط ، فقال هشام: هذه قريش وألسنتها ولا يزال في الناس بقايا ما رأيت مثل هذا .

قال أبو الزناد : لقيت هشاما ، فإني لفي الموكب إذ لقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان ، فسار إلى جنبه ، فسمعه يقول : يا أمير المؤمنين ، إن الله لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين وينصر خليفته المظلوم ، ولم يزالوا يلعنون في هذه المواطن أبا تراب ! فإنها مواطن صالحة ، وأمير المؤمنين ينبغي له أن يلعنه فيها .

فشق على هشام قوله وقال : ما قدمنا لشتم أحد ولا للعنه ، قدمنا حجاجا ، ثم قطع كلامه وأقبل علي فسألني عن الحج ، فأخبرته بما كتبت له ، قال : وشق على سعيد أني سمعته تكلم بذلك ، وكان منكسرا كلما رآني . ولما دخل هشام المدينة صلى على سالم بن عبد الله ، فرأى كثرة الناس فضرب عليهم بعث أربعة آلاف ، فسمي عام الأربعة آلاف .

وكان العامل على مكة والمدينة والطائف إبراهيم بن هشام ، وعلى العراق وخراسان خالد القسري ، واستعمل على صلاة البصرة عقبة بن عبد الأعلى ، وعلى الشرطة مالك بن المنذر بن الجارود ، وعلى قضائها ثمامة بن عبد الله بن أنس ، وعلى خراسان أخاه أسد بن عبد الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية