ذكر من توفي في سنة إحدى عشرة ومائة من الأكابر
الحجاج العابد الحجاج العابد :
عن محمد بن صالح التميمي ، قال: قال أبو عبد الله مؤذن مسجد بني جراد :
جاورني شاب فكنت إذا أذنت للصلاة وافى كأنه نقرة في قفاي ، فإذا صليت صلى ثم لبس نعليه ثم دخل إلى منزله ، فكنت أتمنى أن يكلمني أو يسألني حاجة ، فقال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله ، عندك مصحف تعيرني أقرأ فيه ، فأخرجت إليه مصحفا ورفعته إليه فضمه إلى صدره ، ثم قال: ليكونن [اليوم] لي ولك شأن ، ففقدته ذلك اليوم ، فلم أره يخرج ، فأقمت للمغرب فلم يخرج ، وأقمت لعشاء الآخرة فلم يخرج ، فساء ظني ، فلما صليت العشاء الآخرة جئت إلى الدار التي هو فيها ، فإذا فيها دلو ومطهرة ، وإذا على بابه ستر ، فدفعت الباب فإذا به ميت والمصحف في حجره ، فأخذت المصحف من حجره ، واستعنت بقوم على حمله حتى وضعناه على سريره ، وبقيت أفكر ليلتي من أكلم حتى يكفنه ، فأذنت للفجر بوقت ، ودخلت المسجد لأركع ، فإذا بضوء في القبلة ، فدنوت منه فإذا كفن ملفوف في القبلة ، فأخذته وحمدت الله عز وجل وأدخلته البيت وخرجت ، فأقمت الصلاة ، فلما سلمت إذا عن يميني ثابت البناني ومالك ابن دينار ، وحبيب الفارسي ، وصالح المري ، فقلت: يا إخواني ، ما غدا بكم؟ قالوا لي: مات في جوارك الليلة أحد ، قلت: مات شاب كان يصلي معي الصلوات ، فقالوا لي: أرناه ، فلما دخلوا عليه كشف مالك بن دينار عن وجهه ، ثم قبل موضع سجوده ، ثم قال: بأبي أنت يا حجاج إذا عرفت في موضع تحولت منه إلى موضع غيره ، ثم أخذوا في غسله وإذا مع كل واحد منهم كفن ، فقال واحد منهم: أنا أكفنه ، فلما طال ذلك منهم قلت لهم: إني فكرت في أمره الليلة فقلت: من أكلم حتى يكفنه ، فأتيت المسجد فأذنت ثم دخلت لأركع فإذا كفن ملفوف لا أدري من وضعه ، فقالوا: يكفن في ذلك الكفن ، فكفناه وأخرجناه ، فما كدنا نرفع جنازته من كثرة من حضره من الجمع .
التالي
السابق