من توفي في سنة تسع عشرة ومائة من الأكابر حبيب بن أبي ثابت الأسدي
حبيب بن أبي ثابت الأسدي ، مولى لبني كاهل:
روى عن عمر وابن عباس [ وجابر وحكيم بن حزام ، وأنس بن مالك] وابن أبي أوفى . وكان كثير التعبد .
قال أبو بكر بن عياش: لو رأيت حبيب بن أبي ثابت ساجدا لقلت: ميت من طول سجوده ، وكان كريما ، أنفق على القراء مائة ألف ، وكان يقول: ما استقرضت شيئا من أحد أحب إلي من نفسي ، أقول لها: أمهلي حتى يجيء من حيث أحب .
[وتوفي في هذه السنة] .
حبيب ، أبو محمد الفارسي
حبيب ، أبو محمد الفارسي:
حضر مجلس الحسن البصري فتأثر بموعظته ، فخرج مما كان يملكه وتعبد .
وكان له زوجة يقال لها عمرة تنبهه في السحر ، وتقول: قم يا رجل فقد ذهب الليل وجاء النهار ، وبين يديك طريق بعيد ، والزاد قليل ، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا وبقينا .
عن خلف بن الوليد ، قال: اشترى حبيب الفارسي نفسه من ربه أربع مرات بأربعين ألف درهم ، أخرج بدرة فقال: يا رب اشتريت منك نفسي بهذه ، وأخرج بدرة أخرى ، فقال: إلهي إن كنت قبلت تلك فهذه شكرانها ، ثم أخرج الثالثة فقال: إلهي إن كنت لم تقبل [الأولى] والثانية فاقبل هذه ، ثم أخرج الرابعة فقال: إلهي إن كنت قبلت الثالثة فهذه شكر لها .
قال أبو بكر بن أبي الدنيا بإسناد له عن إسماعيل بن زكريا وكان جارا لحبيب ، [قال]: كنت إذا أمسيت سمعت بكاءه ، وإذا أصبحت سمعت بكاءه ، فأتيت أهله فقلت: ما شأنه يبكي إذا أمسى ويبكي إذا أصبح؟ قال: فقالت لي: يخاف والله إذا أمسى أن لا يصبح وإذا أصبح أن لا يمسي .
وعن عبد الواحد بن زيد: أن حبيبا أبا محمد جزع جزعا شديدا عند الموت ، فجعل يقول بالفارسية: أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط ، أريد أن أسلك طريقا ما سلكته قط ، أريد أن أدخل تحت التراب فأبقى تحته إلى يوم القيامة ، ثم أوقف بين يدي الله فأخاف أن يقول لي: حبيب ، هات تسبيحة واحدة سبحتني في ستين سنة لم يظفر بك الشيطان فيها ، فماذا أقول وليس لي حيلة ، أقول: يا رب هو ذا قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي .
قال عبد الواحد: هذا عبد الله ، ستين سنة مشتغلا به ولم يشتغل من الدنيا بشيء قط ، فأي شيء حالنا؟ واغوثاه بالله!
مجمع بن سمعان
مجمع بن سمعان ، أبو حمزة:
كان سفيان الثوري يرى له أمرا عظيما حتى قال: ليس شيء من عملي أرجو ألا يشوبه شيء كحبي لمجمع التيمي .
وقال سفيان: يروى عن أبي حيان التيمي أنه قال وحلف: ما من عمله شيء أوثق في نفسه من حبه من مجمع التيمي .
وكان أبو بكر بن عياش يقول: ومن كان أورع من مجمع .
ورأى مجمع في إزار سفيان خرقا فأعطاه أربعة آلاف درهم ، قال سفيان: لا أحتاج إليها ، قال: صدقت ، أنت لا تحتاج إليها ولكني أحتاج .
وعن سفيان ، قال: قال مسعر: جاء مجمع إلى السوق بشاة يبيعها ، فقال: يخيل إلي أن في لبنها ملوحة .
قال أبو حاتم الرازي: دعا مجمع ربه عز وجل أن يميته قبل الفتنة فمات من ليلته ، وخرج زيد بن علي من الغد .
وفيها توفي . وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي . وقيس بن سعد المكي . وسليمان بن موسى الأشدق .