ولما جاء عبد الله بن علي دمشق نزل على الباب الشرقي ، ونزل صالح بن علي على باب الجابية ، ونزل أبو عون على باب كيسان ، وبسام على باب الصغير وحميد بن قحطبة على باب توما ، وعبد الصمد ، ويحيى بن صفوان ، والعباس بن يزيد على باب الفراديس فحاصروها أياما ، ثم افتتحها يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان هذه السنة ، فقتل من أهلها خلقا كثيرا ، وأباحها ثلاث ساعات ، وهدم سورها ، ويقال : إن أهلها لما حاصرهم عبد الله بن علي اختلفوا فيما بينهم ، ما بين عباسي وأموي ، حتى اقتتلوا ، فقتل بعضهم بعضا ، وقتلوا نائبهم ، ثم سلموا البلد ، وكان أول من صعد السور من ناحية الباب الشرقي رجل يقال له : عبد الله الطائي . ومن ناحية الباب الصغير بسام بن إبراهيم ، ثم أبيحت دمشق ثلاث ساعات حتى قيل : إنه قتل بها في هذه المدة نحوا من خمسين ألفا .
وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبيد الله بن الحسن الأعرج من ولد جعفر بن أبي طالب وكان أميرا على خمسة آلاف مع عبد الله بن علي في حصار دمشق ، أنهم أقاموا محاصريها خمسة أشهر ، وقيل : مائة يوم . وقيل : شهرا ونصفا . وأن البلد كان قد حصنه نائب مروان تحصينا عظيما ، ولكن اختلف أهلها فيما بينهم بسبب اليمانية والمضرية ، وكان ذلك سبب الفتح ، حتى إنهم جعلوا في كل مسجد محرابين للقبلتين ، حتى في المسجد الجامع منبرين وإمامين يخطبان يوم الجمعة على المنبرين ، وهذا من عجيب ما وقع ، وغريب ما اتفق ، وفظيع ما أحدث بسبب الفتنة والهوى والعصبية ، نسأل الله السلامة والعافية . وقد بسط ذلك الحافظ في الترجمة المذكورة .
وذكر في ترجمة محمد بن سليمان بن عبد الله النوفلي قال : كنت مع عبد الله بن علي أول ما دخل دمشق ، دخلها بالسيف ثلاث ساعات من النهار ، وجعل مسجد جامعها سبعين يوما إصطبلا لدوابه وجماله. وأرسل -السفاح- امرأة هشام بن عبد الملك وهي
عبدة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية صاحبة الخال ، مع نفر من الخراسانية إلى البرية ماشية حافية حاسرة ، فما زالوا يزنون بها ، ثم قتلوها .