ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائة
[ ذكر
خلع بسام بن إبراهيم ]
وفي هذه السنة خلع بسام بن إبراهيم بن بسام ، وكان من فرسان أهل خراسان ، وسار من عسكر السفاح هو وجماعة على رأيه سرا إلى المدائن ، فوجه إليه السفاح خازم بن خزيمة ، فاقتتلوا ، فانهزم بسام وأصحابه ، وقتل أكثرهم ، وقتل كل من لحقه منهزما .
ثم انصرف فمر بذات المطامير ، وبها أخوال السفاح من بني عبد المدان ، وهم خمسة وثلاثون رجلا ، ومن غيرهم ثمانية عشر رجلا ، ومن مواليهم سبعة عشر ، فلم يسلم عليهم ، فلما جازهم شتموه .
وكان في قلبه عليهم ما كان لما بلغه عنهم من حال المغيرة بن الفزع وأنه لجأ إليهم ، وكان من أصحاب بسام ، فرجع إليهم وسألهم عن المغيرة ، فقالوا : مر بنا رجل مجتاز لا نعرفه فأقام في قريتنا ليلة ثم خرج عنا . فقال لهم : أنتم أخوال أمير المؤمنين يأتيكم عدوه ويأمن في قريتكم ! فهلا اجتمعتم فأخذتموه ! فأغلظوا له في الجواب ، فأمر بهم فضربت أعناقهم جميعا ، وهدم دورهم ، ونهب أموالهم ثم انصرف .
فبلغ ذلك اليمانية فاجتمعوا ، ودخل زياد بن عبد الله الحارثي معهم على السفاح ، فقالوا له : إن خازما اجترأ عليك واستخف بحقك ، وقتل أخوالك الذين قطعوا البلاد وأتوك معتزين بك طالبين معروفك حتى صاروا في جوارك ، قتلهم خازم وهدم دورهم ، ونهب أموالهم بلا حدث أحدثوه .
فهم بقتل خازم فبلغ ذلك موسى بن كعب ، وأبا الجهم بن عطية ، فدخلا على السفاح وقالا : يا أمير المؤمنين ، بلغنا ما كان من هؤلاء ، وأنك هممت بقتل خازم ، وإنا نعيذك بالله من ذلك ، فإن له طاعة وسابقة ، وهو يحتمل له ما صنع ، فإن شيعتكم من أهل خراسان قد آثروكم على الأقارب والأولاد وقتلوا من خالفكم ، وأنت أحق من تغمد إساءة مسيئهم .
فإن كنت لا بد مجمعا على قتله فلا تتول ذلك بنفسك وابعثه لأمر إن قتل فيه كنت قد بلغت الذي تريد ، وإن ظفر كان ظفره لك .
وأشاروا عليه بتوجيهه إلى من بعمان من الخوارج ، وإلى الخوارج الذين بجزيرة ابن كاوان مع شيبان بن عبد العزيز اليشكري ، فأمر السفاح بتوجيهه مع سبعمائة رجل ، وكتب إلى سليمان بن علي ، وهو على البصرة ، بحملهم إلى جزيرة ابن كاوان وعمان ، فسار خازم .