ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائة

ذكر خروج حسان بن مجالد

وفيها خرج حسان بن مجالد بن يحيى بن مالك بن الأجدع الهمداني . ومالك هذا هو أخو مسروق بن الأجدع . وكان خروجه بنواحي الموصل بقرية تسمى بافخارى قريب من الموصل على دجلة ، فخرج إليه عسكر الموصل ، وعليها الصقر بن نجدة ، وكان قد وليها بعد حرب بن عبد الله ، فالتقوا واقتتلوا وانهزم عسكر الموصل إلى الجسر .

وأحرق الخوارج أصحاب حسان السوق هناك ونهبوه .

ثم إن حسانا سار إلى الرقة ومنها إلى البحر ودخل إلى بلد السند ، وكانت الخوارج من أهل عمان يدخلونهم ويدعونهم ، فاستأذنهم في المصير إليهم ، فلم يجيبوه ، فعاد إلى الموصل ، فخرج إليه الصقر أيضا ، والحسن بن صالح بن حسان الهمداني ، وبلال القيسي ، فالتقوا فانهزم الصقر ، وأسر الحسن بن صالح وبلال ، فقتل حسان بلالا ، واستبقى الحسن لأنه من همدان ، ففارقه بعض أصحابه لهذا .

وكان حسان قد أخذ رأي الخوارج عن خاله حفص بن أشيم ، وكان من علماء الخوارج وفقهائهم .

ولما بلغ المنصور خروج حسان قال : خارجي من همدان ؟ قالوا : إنه ابن أخت حفص بن أشيم . فقال : فمن هناك ؟ وإنما أنكر المنصور ذلك لأن عامة همدان شيعة لعلي ، وعزم المنصور على إنفاذ الجيوش إلى الموصل والفتك بأهلها .

فأحضر أبا حنيفة ، و ابن أبي ليلى ، و ابن شبرمة ، وقال لهم : إن أهل الموصل شرطوا إلي أنهم لا يخرجون علي ، فإن فعلوا حلت دماؤهم وأموالهم ، وقد خرجوا .

فسكت أبو حنيفة وتكلم الرجلان وقالا : رعيتك ، فإن عفوت فأهل ذلك أنت ، وإن عاقبت فبما يستحقون . فقال لأبي حنيفة : أراك سكت يا شيخ ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، أباحوك ما لا يملكون ، أرأيت لو أن امرأة أباحت فرجها بغير عقد نكاح وملك يمين ، أكان يجوز أن توطأ ؟ قال : لا ! وكف عن أهل الموصل وأمر أبا حنيفة وصاحبيه بالعود إلى الكوفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية