إبراهيم بن يزيد بن شراحيل ، أبو خزيمة:
دخل على عبد الله بن الحارث بن جزء ، وروى عن يزيد بن أبي حبيب . وروى عنه المفضل بن فضالة ، وجرير بن حازم ، ورشدين بن سعد . وولي القضاء بمصر بعد أن عرضه الأمير عبد الملك بن يزيد أبو عون على السيف . توفي في هذه السنة .
أشعب الطامع ، ويقال إن اسمه شعيب ، واسم أبيه جبير:
ولد أشعب سنة تسع من الهجرة ، وكان أشعب خال الأصمعي ، وقيل: خال الواقدي .
وفي كنيته قولان ، أحدهما: أبو العلاء ، والثاني: أبو إسحاق .
وفي اسم أمه ثلاثة أقوال ، أحدها: جعدة مولاة أسماء بنت أبي بكر ، والثاني: أم حميدة ، والثالث: أم حميدة بفتح الحاء .
واتفقوا أنه مولى ، واختلفوا في مولاه على أربعة أقوال: أحدها: عثمان بن عفان ، والثاني سعيد بن العاص ، والثالث: عبد الله بن الزبير ، والرابع: فاطمة بنت الحسين .
وعمر دهرا طويلا ، وكان قد أدرك زمن عثمان بن عفان ، قرأ القرآن وتنسك .
وروى عن عبد الله بن جعفر ، والقاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله ، وعكرمة .
وتوفي في هذه السنة ، وله أخبار طريفة .
قال: أبو العباس نسيم الكاتب ، : قيل لأشعب: طلبت العلم ، وجالست الناس ، ثم تركت ، فلو جلست لنا فسمعنا منك ، فقال: نعم ، فجلس لهم فقالوا: حدثنا ، فقال: سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن العباس يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خلتان لا تجتمعان في مؤمن " . ثم سكت ، فقالوا: ما الخلتان؟ فقال: نسي عكرمة واحدة ونسيت أنا الأخرى .
قال الواقدي: لقيت أشعب يوما فقال لي: يا ابن واقد قد وجدت دينارا ، فكيف أصنع به؟ قلت: تعرفه؟ قال: سبحان الله ، قلت: فما الرأي؟ قال: أشتري به قميصا وأعرفه ، قلت: إذا لا يعرفه أحد ، قال: فذاك أريد .
[قال المصنف]: وقد نقلت عن أشعب كلمات مضحكات ونوادر .
قال الهيثم بن عدي: أسلمته فاطمة بنت الحسين إلى البزازين ، فقيل له: أين بلغت من معرفة البز؟ قال: أحسن أنشر ولا أحسن أطوي ، وأرجو أن أتعلم الطي .
ومر برجل يتخذ طبقا ، فقال: اجعله واسعا لعلهم أن يهدون إلينا فيه .
وقال أبو عبد الرحمن المقري: قال أشعب: ما خرجت في جنازة قط فرأيت اثنين يتشاوران إلا ظننت أن الميت قد أوصى لي بشيء .
قال سليمان الشاذكوني: كان لي بني في المكتب فانصرف إلي يوما فقال: يا أبت ، ألا أحدثك بطريف؟ فقلت: هات ، فقال: كنت أقرأ على المعلم أن أبي يدعوك وأشعب الطامع عنده جالس ، فلبس نعليه وقال: امش بين يدي ، فقلت: إنما أقرأ عشري ، فقال: عجبت أن تفلح أو يفلح أبوك .
سعيد بن يزيد ، أبو شجاع القتباني:
روى عنه الليث بن سعد ، وابن المبارك ، وكان ثقة من العباد المجتهدين . كان إذا أصبح عصب ساقه من طول القيام . توفي بالإسكندرية [في هذه السنة] . سليمان بن أبي سليمان المورياني ، مولى بني سليم:
كان قديما مع ابن هبيرة ، ثم استكتبه المنصور ، ثم أخبر المنصور أن خالدا أخا أبي أيوب ، وكان بالأهواز قد جمع مالا عظيما ، فغضب عليه المنصور فحبسه وحبس أخاه خالدا وبني أخيه ، وقطع أيدي بني أخيه وقتلهم على ما سبق ذكره . وكان أبو أيوب [سليمان] كريما جوادا .
قال ابن شبرمة: زوجت ابني على ألفي درهم فلم أقدر عليها ، ففكرت فيمن أقصد ، فوقع في قلبي أبو أيوب المورياني ، فدخلت عليه فقال: لك ألفان ، فلما نهضت لأقوم ، قال: والمهر ألفان فأين الجهاز؟ ثم قال: ألفان للجهاز ، فذهبت لأقوم فقال: المهر والجهاز فأين الخادم؟ ولك ألفان للخادم ، فذهبت لأقوم فقال: والشيخ لا يصيب شيئا؟ ولك ألفان ، فلم أزل أقوم ويقعدني حتى انصرفت من عنده بخمسين ألفا .
قال: العباس بن إبراهيم ،
كان أبو أيوب إذا دعاه المنصور يصفر ويرعد ، فإذا خرج من عنده تراجع لونه ، فقيل له: إنا نراك مع كثرة دخولك إلى أمير المؤمنين وأنسه بك إذا دخلت إليه ترعد ، فقال: مثلي ومثلكم في هذا كمثل بازي وديك تناظرا ، فقال البازي للديك: ما أعرف أقل وفاء منك ، فقال: وكيف ذاك؟ فقال: تؤخذ بيضة ويحضنك أهلك وتخرج على أيديهم فيطعمونك بأكفهم حتى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلا طرت ها هنا وها هنا وصحت ، فإذا علوت حائط دار كنت فيها سنين طرت منها وتركتها وصرت إلى غيرها . وأنا أؤخذ من الجبال وقد كبرت فأطعم الشيء اليسير وأؤنس يوما أو يومين ثم أطلق على الصيد فأطير وحدي وآخذه وأجيء به إلى صاحبي . فقال له الديك: [ذهبت عنك الحجة] أما لو رأيت بازيا في سفود ما عدت إليهم أبدا ، وأنا في كل وقت أرى السفافيد مملوءة ديوكا وأبيت معهم ، فأنا أكثر وفاء منك ، ولو عرفتم من المنصور ما أعرف لكنتم أسوأ حالا مني عند طلبه إياكم .
توفي أبو أيوب في هذه السنة . عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المديني:
وكان من أحسن الناس صورة .
عن أبي هريرة بن جعفر المخزومي: أن الديباج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، وعبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب خطبا امرأة من قريش ، فاختلف عليها في جمالهما ، فجعلت تسأل وتبحث إلى أن خرجت تريد صلاة العتمة في المسجد ، فرأتهما قائمين في القمر يتعاتبان في أمرها ، فنظرت إلى بياض عبد العزيز وطوله ، فتزوجته ، فجمع الناس وأولم لدخولها ، فبعث إلى محمد بن عبد الله بن عمرو فدعاه فيمن دعاه ، فأكرمه وأجلسه في مجلس شريف ، فلما فرغ الناس برك له محمد بن عبد الله بن عمرو وخرج وهو يقول:
وبينا أرجي أن أكون وليها رميت بعرق من وليمتها سخن
قال الزبير: وحدثني مصعب بن عثمان ، ومحمد بن الضحاك الخزامي ، ومحمد بن الحسن المخزومي وغيرهم: أن عبد العزيز بن عبد الله كان فيمن أسر مع محمد بن عبد الله بن حسن ، فلما قتل محمد حمل عبد العزيز إلى المنصور في حديد ، فلما دخل عليه قال له: ما رضيت أن خرجت علي حتى خرجت معك بثلاثة أسياف من ولدك ، فقال له عبد العزيز: يا أمير المؤمنين ، صل رحمي واعف عني واحفظ في عمر بن الخطاب ، فقال: أفعل ، فعفا عنه ، فقال له عبد الله بن الربيع: يا أمير المؤمنين ، اضرب عنقه لا يطمع فيك فتيان قريش ، فقال له المنصور : إذا قتلت هذا فعلى من تحب أن أتأمر . علي بن صالح بن حي:
ولد هو وأخوه الحسن توأما في بطن ، وكان علي قد تقدم بساعة ، وكان الحسن يعظمه ويقول: قال أبو محمد . وكان علي كثير العبادة ، وأسند عن جماعة من التابعين ، وتوفي في هذه السنة .
قال: الحسن بن حي قال لي أخي علي في الليلة التي توفي فيها: اسقني ماء ، وكنت قائما أصلي ، فلما قضيت الصلاة أتيته بماء فقلت يا أخي ، فقال: لبيك ، فقلت: هذا ماء ، فقال: قد شربت الساعة ، فقلت: من سقاك وليس في الغرفة غيري وغيرك؟ قال: أتاني جبريل الساعة بماء فسقاني وقال لي: أنت وأخوك وأبوك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . وخرجت روحه رحمة الله عليه .
الفضل بن عطية الخراساني المروزي ، مولى بني عبس: روى عن سالم بن عبد الله .
عن سلام بن سالم ، قال: زاملت الفضل بن عطية إلى مكة فلما رحلنا من فيد أنبهني في جوف الليل ، فقلت: ما تشاء؟ قال: أريد أن أوصي إليك ، قلت: غفر الله لك وأنت صحيح ، فجزعت من قوله ، فقال: لتقبلن ما أقول لك ، قلت: نعم فأخبرني ما الذي حملك عليها هذه الساعة؟ قال: أريت في منامي ملكين فقالا: إنا قد أمرنا بقبض روحك ، فقلت لهم: لو أخرتماني إلى أن أقضي نسكي ، فقال: إن الله عز وجل قد تقبل منك نسكك ، ثم قال أحدهما للآخر: افتح إصبعيك ، ففتح السبابة والوسطى فخرج من بينهما ثوبان ملأت خضرتهما ما بين السماء والأرض ، فقالا: هذا كفنك من الجنة ، ثم طواه وجعله بين إصبعيه ، فما وردنا المنزل حتى قبض ، فإذا امرأة قد استقبلتنا وهي تسأل الرفاق: هل فيكم الفضل بن عطية؟ فلما انتهت إلينا قلت: ما حاجتك إلى الفضل؟ هذا الفضل زميلي ، فقالت: رأيت في المنام أنه يصبحنا اليوم رجل ميت يسمى الفضل بن عطية من أهل الجنة ، فأحببت [أن أشهد] الصلاة عليه . محمد بن عمران بن إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني ، أبو سليمان:
[ولي القضاء بالمدينة لبني أمية ، ثم ولاه ذلك المنصور ، وكان مهيبا قليل الحديث ، و] مات بالمدينة في هذه السنة وهو على القضاء ، فبلغ موته المنصور ، فقال: اليوم استوت قريش .
عن نمير المدني ، قال: قدم علينا أمير المؤمنين المنصور المدينة ، ومحمد بن عمران الطلحي على قضائه وأنا كاتبه ، فاستعدى الحمالون على أمير المؤمنين في شيء ذكروه ، فأمرني أن أكتب إليه كتابا بالحضور معهم وإنصافهم ، فقلت: اعفني من هذا فإنه يعرف خطي ، فقال: اكتب ، فكتبت ثم ختمه وقال: لا يمضي به والله غيرك ، فمضيت به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه ، فقال: لا تفعل ، فدخل عليه بالكتاب ثم خرج الربيع فقال للناس وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم: إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام ويقول لكم: إني قد دعيت إلى مجلس الحكم فلا أعلمن أحدا قام إلي إذا خرجت أو بدأني بالسلام .
قال: ثم خرج المسيب بين يديه والربيع وأنا خلفه في إزار ورداء ، فسلم على الناس ، فما قام إليه أحد ، ثم مضى حتى بدأ بالقبر فسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم التفت إلى الربيع ، فقال: يا ربيع ، ويحك أخشى إن رآني محمد بن عمران أن يدخل قلبه هيبة فيتحول عن مجلسه ، وتالله لئن فعل لا ولي لي ولاية أبدا .
قال: فلما رآه - وكان متكئا - أطلق رداءه على عاتقه ثم احتبى به ودعى بالخصوم وبالحمالين ، ثم دعا بأمير المؤمنين ثم ادعوا وحكم عليه لهم ، فلما دخل الدار قال للربيع: اذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه ، فقال: يا أمير المؤمنين ، ما دعا بك حتى تفرغ من أمر الناس جميعا ، فدعاه ، فلما دخل عليه سلم ، فقال: جزاك الله عن دينك وعن بنيك وعن حسبك وعن خليفتك أحسن الجزاء ، قال: قد أمرت لك بعشرة آلاف دينار فاقبضها ، فكانت عامة أموال محمد بن عمران الطلحي من تلك الصلة . ابن عمار أبو عمرو بن العلاء القاري:
وقيل: اسمه زبان ، وقيل: سفيان ، والصحيح أن اسمه كنيته ، وكان أبوه على طراز الحجاج . وجده عمار حمل راية علي [بن أبي طالب] عليه السلام يوم صفين .
ولد أبو عمرو بن العلاء في سنة سبعين في أيام عبد الملك بن مروان . ونشأ بالبصرة وقرأ على مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وشيبة بن نصاح ، ويحيى بن يعمر ، وابن كثير . وكان مقدما في دهره ، عالما بالقراءة . عارفا بوجوهها ، أعلم الناس بأمور العرب مع صدق وصحة سماع .
وكان قد كتب عن العرب الفصحاء ما ملأ به بيتا إلى قريب من السقف ، ثم أنه تقرى فأحرقها كلها ، فلما رجع من بعد إلى علمه لم يكن عنده إلا ما قد حفظه ، وكانت عامة أخباره عن أعراب قد أدركوا الجاهلية .
توفي بالكوفة في هذه السنة وهو ابن أربع وثمانين سنة . وفيها مات محمد بن عبد الله الشعيثي النضري ( بالنون ) .
وفيها مات عثمان بن عطاء ، وجعفر بن برقان الجزري ، وأشعب الطامع ، وعمر بن إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق .
وقرة بن خالد أبو خالد السدوسي البصري ، وهشام الدستوائي ، وهو هشام بن أبي عبد الله البصري .
( الشعيثي بضم الشين المعجمة ، وفي آخره ثاء مثلثة ) .