حماد الراوية

ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

حماد الراوية: وهو حماد بن ميسرة مولى بني شيبان ، وقيل: هو حماد بن سابور .

وكان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها . وكانت بنو أمية تقدمه وتسني عطاءه ، ودخل على المنصور والمهدي .

وروى المدائني أن الوليد بن يزيد قال لحماد: لم سميت الراوية ، وما بلغ من حفظك حتى استحققت هذا الاسم؟ فقال: يا أمير المؤمنين ، إن كلام العرب تجري على ثمانية وعشرين حرفا ، أنا أنشدك على كل حرف منها مائة قصيدة . فقال: هات ، فأنشد حتى مل الوليد ، ثم استخلف من يسمع منه حتى وفاه ما قال فأجزل صلته .

وفي رواية أنه أنشده ألفين وسبعمائة قصيدة للجاهلية ، فأمر له بمائة ألف درهم ، وقال الطرماح: أنشدت حمادا الراوية قصيدة لي ستين بيتا فسكت ساعة ثم قال: أهذه لك؟ قلت: نعم . قال: ليس الأمر كذلك ، ثم ردها علي كلها وزيادة عشرين بيتا زادها في وقته .

قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: دخل مطيع بن إياس ، ويحيى بن زياد على حماد الراوية ، فإذا سراجه على ثلاث قصبات قد جمع أعلاهن وأسفلهن بطين فقال يحيى: يا حماد ، إنك لمسرف متبذل ، تحر المتاع ، فقال له مطيع: ألا تبيع هذه المنارة وتشتري أقل ثمنا منها وتنفق علينا وعلى نفسك الباقي وتتسع فقال له يحيى: ما أحسن ظنك به ومن أين له هذه المنارة؟ هذه وديعة ، أو عارية ، فقال مطيع: إنه لعظيم الأمانة عند الناس . قال ليحيى: وعلى عظم أمانته فما أجمل من يخرج هذه من داره ويأمن عليها غيره . قال مطيع ، ما أظنها عارية ولا وديعة ، ولكني أظنها مرهونة عنده على مال ، وإلا فمن يخرج هذه من بيته؟ فقال حماد: شر منكما من يدخلكما إلى بيته .

وقال الجاحظ: كان حماد الراوية وحماد بن الزبرقان وحماد عجرد ووالبة بن الحباب وبشار بن برد اللاحقي كلهم كان متهما في دينه .

أبو معاوية التميمي المؤدب البصري

شيبان بن عبد الرحمن ، أبو معاوية التميمي المؤدب البصري .

وذكر أبو أحمد العسكري أن شيبان النحوي ينسب إلى بطن يقال لهم بنو نحو بن شمس ، بضم الشين من بطن من الأزد .

وقال أبو الحسين بن المنادي: المنسوب إلى القبيلة التي يقال لها نحو هو يزيد النحوي لا شيبان .

عن يحيى بن معين قال: كان شيبان بن عبد الرحمن ثقة ، وكان مؤدبا لسليمان بن داود الهاشمي وكان أصله من البصرة فانتقل إلى الكوفة .



وتوفي ببغداد في هذه السنة ، ودفن في مقابر قريش بباب التبن ، كذلك قال ابن سعد . وقال يحيى بن معين: دفن في مقابر الخيزران .

أبو معمر الخطيب المنقري البصري

شبيب بن شيبة ، أبو معمر الخطيب المنقري البصري .

حدث عن الحسن ، وعطاء بن أبي رباح ، وهشام بن عروة .

روى عن عيسى بن يونس ، والأصمعي ، وغيرهما . وقدم بغداد في أيام المنصور فاتصل به ثم بالمهدي من بعده وكان مقدما عندهما . وقال له المنصور عظني وأوجز ، فقال: يا أمير المؤمنين ، إن الله لم يرض من نفسه بأن يجعل فوقك أحدا من خلقه ، فلا ترض له من نفسك بأن يكون عبدا له أشكر منك ، فقال: والله لقد أوجزت .

وخرج من دار المهدي فقيل له: كيف تركت الناس؟ فقال: تركت الداخل راجيا والخارج راضيا .

وعن موسى بن إبراهيم قال: كان شبيب بن شيبة يصلي بنا الصبح يوما وقرأ السجدة و هل أتى ، ولما قضى الصلاة قام رجل فقال: لا جزاك الله عني خيرا ، فإني كنت غدوت لحاجة ، فلما أقمت الصلاة دخلت أصلي فأطلت الصلاة حتى فاتتني حاجتي . قال: وما حاجتك؟ قال: قدمت من الثغر في شيء فيه مصلحته ، وكنت وعدت البكور إلى الخليفة لأتنجز ذلك قال: فأنا أركب معك ، فركب معه ، ودخل على المهدي فأخبره الخبر وقص عليه القصة ، قال: فيريد ماذا؟ قال: يقضي حاجته ، فقضى حاجته وأمر له بثلاثين ألف درهم فدفعها إلى الرجل ، ودفع إليه شبيب من ماله أربعة آلاف درهم ، وقال له: [لم] تضرك السورتان .

عن الرياشي قال: توفي ابن لبعض المهالبة فأتاه شبيب بن شيبة المنقري يعزيه وعنده بكر بن حبيب السهمي ، فقال شبيب: بلغنا أن الطفل لا يزال محتبطا على باب الجنة يشفع لأبويه فقال بكر: إنما هو محتبطا بالطاء غير المعجمة . فقال شبيل القول لي هذا ، وما بين لابتيها أفصح مني ، فقال بكر: وهذا خطأ ، تأتي ماء البصرة واللوب أهلك ، غيرك قولهم: ما بين لابتي المدينة يريدون الحرة ، قال أبو أحمد: الحرة أرض تركبها حجارة سود ، وهي اللابة والجمع لابات ، فإذا أكثرت فهي اللوب ، وللمدينة لابتان من جانبيها ، وليس للبصرة لابة ولا حرة . قال: وقال أبو عبيد: المحتبطي بغير همز: المتعصب المستبطئ للشيء والمحتبطئ بالهمز: العظيم البطن المنتفخ .

وقد تكلم أصحاب الحديث في شبيب . سئل ابن المبارك أنأخذ عن شبيب؟

فقال: خذوا عنه ، فإنه أشرف من أن يكذب .

وقال الساجي: هو صدوق يهم . وقال أبو علي صالح بن محمد . هو صالح الحديث .

فأما ابن معين فقال: ليس بثقة . وقال أبو داود: ليس بشيء .

عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون

عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، واسم أبي سلمة: ميمون مولى آل الهدير التيمي ، وكنية عبد العزيز أبو عبد الله . وقيل: أبو الأصبغ .

سمع الزهري ، وابن المنكدر ، وأبا حازم وغيرهم . روى عنه: وكيع ، وابن مهدي ، ويزيد بن هارون ، وكان عالما فقيها صدوقا ثقة ثبتا .

ويقول: الماجشون فارسي وإنما سمي الماجشون لأن وجنتيه كانتا حمراوين .

وقال:

ابن وهب : حججت سنة ثمان وأربعين وصائح يصيح: لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس وعبد العزيز بن أبي سلمة .

وعن عمرو بن خالد الحراني يقول: حج أبو جعفر المنصور فشيعه المهدي ، فلما أراد الوداع قال: يا بني ، استهدني قال: استهديتك رجلا عاقلا ، فأهدى له عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون .

توفي عبد العزيز ببغداد في هذه السنة . وجاء المهدي حتى صلى عليه في خلافته ودفن في مقابر قريش .

المبارك بن فضالة بن أبي أمية

المبارك بن فضالة بن أبي أمية ، أبو فضالة ، مولى زيد بن الخطاب .

حدث عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، وثابت ، وحميد الطويل ، وخلق كثير .

روى عنه: يزيد بن هارون وعفان وعلي بن أبي الجعد .

وعن مبارك بن فضالة قال: إني يوما لعند أبي جعفر إذ أتي برجل فأمر بقتله ، فقلت في نفسي: يقتل رجل من المسلمين وأنا حاضر ، فقلت: يا أمير المؤمنين ، ألا أحدثك حديثا سمعته من الحسن قال: وما هو؟ قلت: سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد حيث يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر فيقوم مناد من عند الله [تعالى] فيقول: ليقومن من له على الله يد فلا يقوم إلا من عفا" . فأقبل علي فقال: آلله سمعته من الحسن؟ فقلت: آلله سمعته من الحسن ، فقال: خليا عنه .

[قال المؤلف] اختلف كلام يحيى بن معين في المبارك فقال مرة: صالح .

وقال مرة: ثقة ، وقال مرة: ضعيف .

توفي المبارك في هذه السنة . وقيل: في سنة ست وستين . وفيها مات سعيد بن عبد العزيز الدمشقي ، وسلام بن مسكين النمري الأزدي ، أبو روح .

التالي السابق


الخدمات العلمية