وفي سنة خمس وثمانين ومائة توفي يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ، وهو ابن أخي معن بن زائدة ، بمدينة برذعة ، وولي مكانه أسد بن يزيد . وكان يزيد ممدحا ، جودا ، كريما ، وأكثر الشعراء مراثيه .

ومن أحسن ما قيل في المراثي ما قاله أبو محمد التميمي رثاء له ، فأثبته لجودته :

أحقا أنه أودى يزيد ؟ تبين أيها الناعي المشيد     أتدري من نعيت وكيف فاهت
به شفتاك ؟ كان بها الصعيد     أحامي المجد والإسلام أودى ؟
فما للأرض ويحك لا تميد ؟     تأمل ، هل ترى الإسلام مالت
دعائمه ؟ وهل شاب الوليد ؟     وهل مالت سيوف بني نزار
وهل وضعت عن الخيل اللبود ؟     وهل تسقي البلاد عشار مزن
بدرتها ؟ وهل يخضر عود ؟     أما هدت لمصرعه نزار ؟
بلى ! وتقوض المجد المشيد [     وحل ضريحه إذ حل فيه
طريف المجد والحسب التليد ]     أما والله ما تنفك عيني
عليك بدمعها أبدا تجود     فإن تجمد دموع لئيم قوم
فليس لدمع ذي حسب جمود     أبعد يزيد تختزن البواكي
دموعا ، أو يصان لها خدود ؟     لتبكك قبة الإسلام لما
وهت أطنابها ووهى العمود     ويبكك شاعر لم يبق دهر
له نسبا وقد كسد القصيد     فمن يدعو الإمام لكل خطب
ينوب وكل معضلة تئود     ومن يحمي الخميس إذا
تعايا بحيلة نفسه البطل النجيد     فإن يهلك يزيد فكل حي
فريس للمنية أو طريد     ألم تعجب له ؟ ! إن المنايا
فتكن به وهن له جنود     قصدن له وكن يحدن عنه
إذا ما الحرب شب لها وقود     لقد عزى ربيعة أن يوما
عليها مثل يومك لا يعود



وكان الرشيد إذا سمع هذه المرثية بكى ، وكان يستجيدها ويستحسنها .

[ الوفيات ]

التالي السابق


الخدمات العلمية