ثم دخلت سنة عشر ومائتين

ذكر ظفر المأمون بابن عائشة

وفيها ظفر المأمون بإبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم ، الإمام المعروف بابن عائشة ، ومحمد بن إبراهيم الإفريقي ، ومالك بن شاهي ، ومن كان معهم ممن كان يسعى في البيعة لإبراهيم بن المهدي .

وكان الذي أطلعه عليهم وعلى صنيعهم عمران القطربلي ، وكانوا ( اتعدوا أن ) يقطعوا الجسر إذا خرج الجند يتلقون نصر بن شبث ، ( فنم عليهم عمران ، فأخذوا في صفر ، ودخل نصر بن شبث ) بغداذ ، ولم يلقه أحد من الجند ، فأخذ ابن عائشة ، فأقيم على باب المأمون ثلاثة أيام في الشمس ، ثم ضربه بالسياط وحبسه ، وضرب مالك بن شاهي وأصحابه ، فكتبوا للمأمون بأسماء من دخل معهم في هذا الأمر من سائر الناس ، فلم يعرض لهم المأمون ، وقال : لا آمن أن يكون هؤلاء قذفوا قوما براء .

ثم إنه قتل ابن عائشة وابن شاهي ورجلين من أصحابهما ، وكان سبب قتلهم أن المأمون بلغه أنهم يريدون أن ينقبوا السجن ، وكانوا قبل ذلك بيوم قد سدوا باب السجن ، فلم يدعوا أحدا يدخل عليهم ، فلما بلغ المأمون خبرهم ركب إليهم بنفسه ، فأخذهم ، فقتلهم صبرا ، وصلب ابن عائشة ، وهو أول عباسي صلب في الإسلام ، ثم أنزل وكفن وصلي عليه ، ودفن في مقابر قريش . قال أبو بكر الصولي : ركب المأمون ليلا إلى المطبق فقتل إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام المعروف بابن عائشة وصلبه ، وابن عائشة هذا أول هاشمي صلب من ولد العباس ، وزيد بن علي بن الحسين أول هاشمي صلب من ولد] علي بن أبي طالب ، وقتل مع ابن عائشة : محمد بن إبراهيم وثلاثة نفر ، وكانوا أرادوا الوثوب بالمأمون ، ثم أنزل ابن عائشة فكفن وصلى عليه ، ودفن في مقابر قريش ، ودفن الإفريقي في مقابر الخيزران ، ووجد لابن عائشة صناديق فيها كتب القواد وغيرهم إليه ، فجلس في المسجد وأحضر الصناديق وقال للناس : أنا أعلم أن فيكم البريء الذي لا اسم له في هذه الصناديق ، ومنكم الغائب والمستزيد ، وإن نظرت فيها ، لم أصف لكم ولم تصفوا إلي ، فتوبوا إلى الله . ثم أمر بإحراق الصناديق .

التالي السابق


الخدمات العلمية