وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد وما والاها من البلاد ، يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقيب الصلوات الخمس فكان أول ما بدئ به في جامع المدينة والرصافة يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة خلت من رمضان ، أنهم لما قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات ، ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات ، وهذه بدعة أحدثها المأمون بلا مستند ولا دليل ولا معتمد فإن هذا لم يفعله قبله أحد ولكن ثبت في " " الصحيح " " عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينصرف الناس من المكتوبة . وقد استحب هذا طائفة من العلماء كابن حزم وغيره . وقال ابن بطال : المذاهب الأربعة وغيرهم على عدم استحبابه . قال النووي : وقد روي عن الشافعي أنه قال : إنما كان ذلك ليعلم الناس أن الذكر بعد الصلوات مشروع ، فلما علم ذلك لم يبق للجهر معنى . وهذا كما روي عن ابن عباس أنه كان يجهر بالفاتحة في صلاة الجنازة ليعلم الناس أنها سنة ، ولهذا نظائر ، والله أعلم .

وأما هذه البدعة التي أمر بها المأمون ؛ فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف . وفيها وقع برد شديد جدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية